المقالات

الرياضة والفن والوطنية..!

1528 2021-09-08

 

د.أمل الأسدي ||

 

للرياضة والفن أهمية كبيرة؛لأنهما الباب المفتوح لتقارب الشعوب واجتماعها،فهما يقومان بتذويب كل ما صنعته السياسة وما أفرزته المصالح الشخصية والمنافع الحزبية،ويهدمان صور الفرقة والتشتت بين الناس،وهما علی ذلك وسيلة من وسائل مواجهة التعصب والعنصرية ورفض الآخر،فمهما اختلفت سياسات الدول، ومهما فعلت الماكنة الشيطانية،تبقی الرياضة ويبقی الفن وسيلةً للألفة والمحبة والتقارب إذا ما تم  توجيههما بالشكل السليم،وإذا ما تجردا من الأمراض الاجتماعية التي خلقتها هذه الماكنة واستخدمت أدواتها  لتطبيقها!

وفي العراق الشعب الذي يحب كرة القدم ويصطف الكبار والصغار من أجل مشاهدة المباراة،كانت الرياضة في زمن البـعـ.ث حملا ثقيلا علی اللاعبين والمدربين قبل الجماهير،ولايخفی علی أحد كيف كانت اللجنة الاولمبية بقيادة عدي تمارس الإرهـ.اب النفسي والجسدي علی اللاعبين والمدربين،ولا أود هنا الخوض في هذه المسألة وتفصيلاتها فهناك تقارير كثيرة ووثائق موجودة في مواقع  إلكترونيةكثيرة  لكل من  يرغب الاطلاع عليها،إنما أريد التحدث عن أسلوب البعـ.ث ونسق تفكيره الذي تم إحياؤه  هذه الآونة،فقد شهدنا أجمل انجازات المنتخب العراقي في عام 2007 حين كنّا تحت نيران الطائـ.فية والإرهـ.اب،كان المنتخبُ بلسما لجراحنا،فرحنا لأجله وبكينا وصلينا،ولم يبدر من الجمهور أي سوء أو تحريض ضد أي منتخب آخر حتی مع المنتخب السـ.عودي الذي بطشت دولته بنا بالمفخـخـ.ات والانتحاريين!!

ولم تبدر من الجمهور أية إساءة تجاه المنتخبات التي  نادی جمهورها في الملعب ضد العراق،فسبوا العراق وسبوا الشيـ.عة،وأظهروا تعاملهم الطائفي تجاه العراق ومع ذلك لم يبدر من الجمهور العراقي أي ردة فعل!!

لكنّ الذي حدث ومنذ المظاهرات الأخيرة هو اغتيال مفهوم الرياضة وتحويلها الی حرب طائـ.فية قومـ.ية جاهلية،وهو نسق متوارث من أيام الفرق الحزبية والخفارات والتهجير والتسفير،فحولوا المباريات مع إيران إلی  قضية سيادة وموت وحياة وانتصار وإثبات وجود  إلی آخره من خزعبلات البـعـ.ث الصهيـ.ونية،وباتت  الأصوات الصـ.دامية تستغل عقول الشبان والشابات والفتية وتوظف إعلامـ.ها القذر في تحقيق أهدافهم، وهي جعل الشيـ.عي يحارب الشيـ.عي حتی لا تقوم لهذا المكون قائمة، ويبقی مواطنا من الدرجة الثانية كما يحلمون ويخططون !!

والغريب أنك تری هذه الأفواه المريضة تجعل من مباراة كرة قدم ميزانا للوطنية  وتصنف الناس علی أساسها!!!

ماذا تعرفون أنتم عن الوطنية؟ وماهذا الفقر الإنساني والمعرفي الذي تعيشون فيه؟

نحن نحب العراق ونذوب في ترابه ونخيله،ونشجع منتخبنا،ونرفع أيدينا  بالدعاء له،ونصفق له ونبارك،وكل هذا من غير نسق التفكير البـعثـ.ي والأوهام الحزبية،والأمراض الطائـ.فية،ومن غير أن نتقيأ سموما ونحول كرة القدم من طقس للمتعة والفرح إلی غصة وتزييف وتمجيد لطاغـ.يـة أذله اللهُ إذ حبس نفسه في حفرة!!

ـ  فالوطنيون هم الذين كانوا يسمعون أنين الهور المجفف،ويشعرون بغربةالبرهان وهو يبحث عن موطن آخر،ويمضغون معاناة القصب المشرد!!

ـ الوطني هو الذي كان يتحمل رؤية ابنه وهو يفارق الحياة  أمامه بحجة الفرار من الخدمة العسكرية ويبقی مع ذلك صابرا محتسبا!!

ـ الوطني هو ذلك الرجل الذي ينتظر حر الظهيرة ليجمع صور العوائل والأطفال الذين تم تسفيرهم والاستيلاء علی ممتلكاتهم ونقلها للفرق الحزبية لاقتسامها،يجمع الصور ويعود لبيته خفية يبكي علی ويلاتنا!!

ـ الوطني هو الذي تحمل  الهم وتحمل المراقبة وحرمان الحقوق،وهو يسلي نفسه بصوت الوائلي الذي يُبث من إيران،يسلي نفسه منتظرا الفرج!!

ـ الوطني هو ذلك الفقير المحروم  رغم غناه،يفتح جناحيه ليحمي أولاده، ويعلق مفرشا قديما علی  شباكهم ليخف لهيب الظهيرة ورطوبة المبردة،ومع ذلك يشكر الله وينتظر الفرج!!

ـ الوطني الذي يعشق وجوه الفقراء ويقدس تجاعيد وجوههم،ويبحر في (دگة) العجائز وهي تنث صبرا وأنينا!!

ـ الوطني هو من بكی علی صوت (والله ياطير الحمام الي مسافر) وهو يتمنی أن يجتمع بأهله وأحبته من غير سجون وملاحقة!!

ـ الوطني هو ذلك القلب الفاقد الي يفترش الأرض ويبكي  مع(عزاز والله عزاز) يبكي علی ابنه المعدوم من غير ذنب!!

ـ الوطني هو الذي ثبت وقاوم ولم يبع شرفه رغم كل الآلام والمآسي والملاحقة!!

ـ الوطني الذي رافق (وحش الطاوة) الباذنجان ولم يمد يده إلی الحرام،رغم أن صـ.دام كان يطعم الغزلان (الهيل)كي يستلذ بطعمها!!

ـ الوطني هو ذلك الفقير الذي يقصد السوق صباحا ليشتري(صمون الجيش) ويغص به مع كل لقمة،فهو لايصلح أن يكون علفا للدواب!!

ـ الوطني هو الذي يعشق رائحة التربة المبللة عصرا

ـ الوطني هو الذي يشعر بحيرة ذلك الرجل الفقير الذي يحمل الفحم صيفا وشتاء، ويتجول صباحا علی المحال التجارية واضعا الحرمل  فوقه،داعيا لهم بالرزق والستر،محاولا بذلك توفير مايسد رمقه!!

ـ الوطني هو من بقي ينادي ياحسين... يازينب

رغم قطـ.ع الألسن والآذان!!

ـ الوطني ذلك الرجل الكبير الذي يجلس خفية لينظم أشرطة  الكاسيت الحسينية،ويحضرها مع حلول محرم!!

ـ الوطني هو ذلك الأب الذي اصفر وجهه حين أوقفتهم السيطرة،ولم  تسعفه دعواته في الحفاظ علی ابنه الشاب،فتهمته عظيمة وهي التوجه إلی كربلاء!!

ـ الوطني هو الذي ثار وانتفض وقال: لا للطغاة،وقدم نفسه وأهله أرغفة حسينية،احتضنتها المقابر الجماعية البعثـ.ية!!

ـ الوطني هو الذي عصب رأسه وقال: العراق أرضي ولن أسمح للدخلاء التكفيـ.رين أن يدنسوها!!

ـ الوطني هو الذي داس علی جراحه وآمن بمبدأ الشراكة الوطنية والعملية السياسية، فاستحوذ  ـ بعد ذلك ـ السياسيون علی خيراته وحرموه منها،وجادوا بها علی غيره،ومع ذلك مازال ينادي بوحدة العراق!

ماذا تعرفون أنتم عن الوطنية؟ ماذا تعرفون عن سوالف أهلنا ولمتهم وحكايات الدرابين؟

ماذا تعرفون عن  أهل الشعر والكرم؟

الوطنية انتماءٌ بالفعل،وليس بالشعارات!! يوم انحنی ظهر الوطن فررتم وتخاذلتم وبقي الوطنيون يدافعون عن الأرض والعرض والنخيل،يدافعون عن دجلة والفرات،يدافعون عن الملوية والحدباء،يدافعون عن القباب والأضرحة!!

هذه الوطنية وليست سمومكم وأحقادكم!!

إن من يساند نسق التفكير البعـ.ثي سواء كان مسؤولا أم لاعبا أم مؤسسة أم أفرادا، يعد  محرضا طائـ.فيا،يريد للعراق أن يعود وحشيا أعرابيا دمـ.ويا أمويـ.ا، فالرياضة ميدان للمتعة والتقارب وليست ميدانا للحروب التي تحلمون بها!!

فكفوا ألسنتكم وأقفوا الحملة التي تشنونها علی المنتخب الآن،وتستغلونها في الترويج للمقبور والدعوة إلی سياسته ضد اللاعبين!!

فما قمتم به من حملة إعلامية بعثـ.ية،جعلت  المنتخب يعيش تحت ضغوط نفسية رهيبة،وكأنه مقبل علی حرب،وكأنه فصيل عسكري وجب عليه خوض معركة حاسمة!!

واعلموا أن اللاعبين في فترة الثمانينات والتسعينات قد عانوا من معسكرات الضبط الصـ.دامي،فلكل لاعب حكاية مع المقبور عدي مازالت راسخة في ذهنه!!

فكفوا أيديكم وأوقفوا هذا الضغط والنشر المسموم!!

وإن كان الموضوع يحتاج الی معالجة، فهي معالجة فنية،وليست معالجة بعـ.ثية!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك