أمل هاني الياسري ||
نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ ابداً/24
شخصية لها مكانة متميزة، في قلب النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، ومن أول النساء المهاجرات من مكة الى المدينة، تحملت مشاق عذابات جهلاء قريش، في سبيل دعوة إبن أخيها الصادق الأمين، خاصة وأن أخوها الحمزة، كان هو الشخص الآخر بجانبها في هذه الشدائد، إنها صفية بنت عبد المطلب (رضوانه تعالى عليها) عمة النبي، وأخت الحمزة سيد الشهداء في أُحد، من الصحابيات والمؤمنات الأوائل، ولم يقل دورها عن دور الرجل، لنصرة الرسالة المحمدية السمحاء.
صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، أمها السيدة هالة بنت وهيب بن عبد مناف، وهي إبنة عم آمنة بنت وهب، وشقيقة حمزة بن عبد المطلب من أمه وأبيه، وقد أسلمت في الساعت الأولى من فجر الدعوة الإسلامية، وعاصرت الأحداث الخطيرة التي ألمَّت بالمسلمين الأوائل، ومحاربة قريش لهم، لكنها صمدت مع بقية نساء بني هاشم، وواجهتها بصبر، وحكمة، وإخلاص، مع خديجة، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت محمد (عليهنَّ السلام).
تميزت السيدة صفية بالشجاعة والصبر، حتى إحتسبت لمقتل أخيها الحمزة في أحد، رغم إنشغالها بنقل الماء للمقاتلين، وبري السهام، لكنها إنتزعت سهماً من أحد القتلى، وهبَّت للدفاع عن النبي (صلواته تعالى عليه) قائلة:(ويحكم إنهزمتم عن رسول الله)؟! فلما رآها النبي خشي أن ترى أخاها، وقد مُثل به من قبل هند آكلة الأكباد، فلما إنتهت المعركة، وقع نظرها على جثة الحمزة مقطعة، قالت:(إن ذلك بعين الله، ولقد رضيتُ بقضاء الله، واللهِ لأصبرنَّ ولأحتسبنَّ إن شاء الله).
لهذه السيدة الجليلة مواقف عظيمة، أيام معركة الخندق، فقد ترك الرسول الصبيان والنساء، في حصن حسان بن ثابت، عندما حفر الإمام علي (عليه السلام)، خندقاً حول المدينة المنورة، لحمايته من المشركين والمنافقين، وعندما إقترب يهودي من معسكر النساء، وأحست به العمة السيدة (صفية)، إقتلعت عمود خيمة، وضربته على أُم رأسه، فكانت أول مسلمة قتلت يهودياً، ووصل الخبر لمعسكر الأعداء فقالوا:عرفنا أن محمد لم يترك المعسكر بلا رجال تحميه! أي شجاعة أبدتها هذه السيدة الهاشمية؟!
حضرت صفية الزواج المبارك لإبن أخيها محمد، من السيدة خديجة قبل مبعثه الشريف، ووقفت بجانبه مع أخيها الحمزة، ضد محاولات المشركين البائسة، لإطفاء نور رسالته، فسيدة بعمر الثلاث والسبعين سنة، قضتها بمواقف شُجاعة ليس عجباً، فهي من أهل لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها، كما عاصرت أيام فتوة وفداء علي (عليه السلام)، فنصرته بحق خلافته للمسلمين، وثبات أركان الدين الحقيقي، على يد أولاده المعصومين(عليهم السلام) واحداً بعد آخر، ورحلت عن الدنيا (20 هجرية)، فكانت نِعم العمة للنبي كنِعمَ العم أبي طالب!
جميع نساء بني هاشم، ومن المسلمات الأوائل، اللواتي حضرنَ وفاة النبي محمد(صلواته تعالى عليه وعلى آله)، شاهدت كيف أن الأمة تركته وخالفت أمره، وقد أوصى بحديث الثقلين، فلم يغب عنهنَّ لحظة دور المرأة الرسالية، لإيصال صوت المظلومية التي طالتهم، فكُنَ الصوت الهادر لتعبئة الأمة، ومواجهة الظلم والطغيان، وموقف السيدة صفية لا يختلف كثيراً، عن مواقف نساء البيت الحسيني في كربلاء، فهنَّ ذرية بعضها من بعض، فأنعْم بمَنْ أوفينَ عهدهنَّ، بالدفاع عن الإسلام وأهل بيته(عليهم السلام).