حسن كريم الراصد ||
ان اعظم مؤامرة تعرضت لها الاغلبية كان ميدانها التربية والتعليم وكانت من الدهاء انها لم تثر اهتمام احد ولم يلتفت لها احد لا من الاعلام ولا من الساسة والنواب .. حيث ان من استهدفوا ابناءنا ومستقبلهم امسكوا بمفصل رئيسي يتحدد فيه مستقبل الشاب . اما ان يكون سائق تكتك او عامل بناء او بائع مخضر او يكمل مسيرته ليتدرج بتعليمه ويبلغ مراحل متقدمة تؤهله ان يكون فاعلا في المجتمع .. ويتمثل هذا المفصل بمرحلة الثالث المتوسط التي باتت عقبة للتخلف لا النماء وللتعويق لا للتطور .. حيث اصبح الثالث المتوسط هو الخاصرة الرخوة التي تمكن هؤلاء من خلالها من تدمير شبابنا وتحويلهم الى ادوات هدم بعد ان تعطلت بهم السبل ولم يستطيعوا العبور نحو عالم الفتوة ليكتمل نضوجهم ويبدأوا بفهم الواقع ويدركوا قيمة الشهادة الاكاديمية واهميتها في مستقبل الانسان .. وبالتالي وباحصائية بسيطة ستجد ان هنالك جيوش من البطالة ممن رسبوا في الثالث المتوسط والذين هم في مفترق طرق بلا بوصلة ولا دليل . حيث ان عمر الصبي القابع في هذه المرحلة لا يسمح له بالتوظيف والعمل كونه لم يبلغ السن القانوني وكذلك هو غير مؤهل لانزاله للشارع للعمل في القطاع الخاص وان تم ذلك فسيكون عامل غير ماهر في حي صناعي يتتلمذ من مدارسها علوم الحياة القاسية المجحفة ليتحول الى مشروع للانحراف . او انه سيفترش الرصيف ليعيل عائلته بعد ان اصبح عالة عليهم او انه سيختار التكتك التي هي بمثابة افضل الخيارات ويعلم الجميع كيف تلاعبوا بمشاعر وافكار هؤلاء في جائحة تشرين وكيف بلغت النقمة بهم ان هدموا كل شيء وكيف تحولوا الى قنابل مولوتوف لها القدرة ان تحرق كل شيء .. انها خطة رسمت باتقان وحرفية وخبث قل نظيره بحيث انهم اصابوا قلب المجتمع ليصاب الجسد بالشلل التام . وهذه المؤامرة لم تكن تشمل الجميع بل فئة الفقراء المعروفة باستمكان الفقر فيها . فالاغنياء وطبقة الساسة النبلاء وجدوا لهم الحلول بالمدارس الاهلية والمدرسين الخصوصيين او ارسالهم للندن وبيروت واسطنبول ليكملوا دراستهم هناك ويعودوا قادة مجتمع كابائهم .. والمناطق الغير مشمولة بهذه المؤامرة والتي ليست خاضعة للدولة بشكل تام توزع لابنائها الاجوبة وهنالك معلومات ان هذه الاجوبة تكتب على سبورة قاعة الامتحان ليبقى المستهدفون يتوسلون بعشر درجات تضاف لنتائجهم تمثل لهم عبور مرحلة الخطر والانحدار نحو هاوية الضياع والانحراف ولكن التربية مصرة على رفض ذلك متعللة وبسخافة بان ذلك سيؤثر على مستوى التعليم مستقبلا .. يال بؤسنا واجيالنا ضائعة في متاهات رسمها المتآمرون فانصاع لها ممثلونا كالحمقى لا يعلمون ماذا اريد بهذه الاجيال .. والادهى من ذلك انهم لم يوفروا لهم البدائل كما كان معمولا به في البلاد في عقود السبعينات واقلها مدارس التعليم المهني التي كانت تحتضن الراسبين في الثالث المتوسط او تحسين الدراسة المسائية التي باتت اعظم كذبة في تاريخ التعليم او الامتحانات الخارجية التي باتت وسيلة للجباية ممن يريد ان يجرب حظه في ذلك .. انها مؤامرة يا سادة وان لم يتدارك العقلاء الامر فان هنالك فوج اخر سينضم الى فيالق الراسبين هذا العام وبحجة مستوى التعليم والحقيقة ان اجراءات الوزارة الصارمة هي لتحطيم جيل و تعطيله وتحويله الى اداة هدم لا بناء بعد ان اتخذت الوزارة قرارات غريبة في زمن تفشي الوباء وعدم التمكن من الدوام الحضوري واضطراب الوضع ولم تقدم اي تسهيلات للطلبة واخرها اصرارها على عدم منح الطلبة لعشرة درجات تؤهلهم لاستئناف مسيرة التعليم والنجاح .. انها مؤامرة يا سادة ..