عبد الكاظم حسن الجابري ||
ارتبطت حادثة كربلاء وما لاقاه ال بيت النبي صلى الله عليه واله بالوجدان الشيعي ارتباطا جوهريا, حتى صارت هذه الحادثة رمزا وعنوانا للتشيع.
حثَ أئمة ال البيت عليهم السلام شيعتهم على التزام الاحياء لذكرى عاشوراء وما جرى على العترة الطاهرة, وشجعوا الشعراء على كتابة القصائد التي تحي ذكراها وتشرح المصاب, واوصوا شيعتهم بالبذل والعطاء وصنع الطعام على حب الحسين عليه السلام وصحبه وكذلك الحث على زيارة الحسين عليه السلام.
لم تك واقعة الطف حالة عابرة في التاريخ عموما, ولم تك امرا هامشيا في التاريخ الاسلامي خصوصا, كما انها لم تكن مجرد مظلمة من المظالم الكثيرة التي تعرض لها ال البيت عليهم السلام, بل انها حقا كانت حادثة تعد خلاصة الرسالة الاسلامية, وان ارتباط بقاء رسالة الاسلام مرهون بهذه الواقعة, التي صارت فرقانا بين الحق والباطل, حين وقف امامنا الحسين عليه السلام قائلا ومتحدثا عن يزيد لعنه الله "ومثلي لا يبايع مثله" لعمري كم هو من قول بليغ لخص الصراع والمعركة وحصرها في دائرة الحق والباطل, ذلك الحق الذي يمثله سبط النبي والباطل الذي يمثله ابن البغي.
لقد كانت كربلاء نقطة الشروع لبناء دولة العدل الالهي, فدوران الصراع بين الحق والباطل يستلزم ان تأتي لحظة من الزمن يكون فيها الحق هو المتسيد لدولة الانسان, فان كان النصر – بمفهومه العسكري- كان قد حُجِبَ عن الامام الحسين عليه السلام في كربلاء فانه لابد وان ينتصر مشروعه, ليظهر دين الاسلام على الدين كله بقيادة حفيد الامام الحسين عليه السلام الحجة بن الحسن روحي فداه, وقد اكد هذا المعنى امامنا الحسين عليه السلام في يوم العاشر عن مقتل ولده الرضيع حيث قال "هون ما نزل بي أنه بعين الله تعالى ، أللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ! إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه ، وانتقم لنا من الظالمين ، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الأجل ، أللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد .
البعد العقائدي في نهضة امامنا الحسين عليه السلام هو النهوض لأجل بناء دولة العدل الالهي, والتي وان تأخرت الا انها ستقام بإذن الله على يد الامام المذخور لتجديد الفرائض والسنن الحجة بن الحسن روحي فداه, وما يؤكد هذا الامتداد والترابط بين عاشوراء والظهور هو قيام الامام الحجة عجل الله فرجه -فيما ترويه الروايات- بالحضور الى كربلاء –عنده بدء حركته- واستخراج الطفل الرضيع ورفعه نحو السماء مناديا باي ذنب قُتِلَ هذا الرضيع.
https://telegram.me/buratha