المقالات

عبد الهادي مهودر بين الدبابة والجريدة

1678 2021-09-22

 

حمزة مصطفى ||

 

عنوان لافت هذا الذي إختاره الزميل عبد الهادي مهودر لرسالته للماجستير في الصحافة وهو "إحتلال الصحافة" مع عنوان فرعي تعريفي لافت هو الآخر "عراق مدحت باشا.. مسل بيل .. بول بريمر". ومع أن الكتاب الصادر حديثا عن دار ومكتبة المرهج في بغداد, يتناول طبقا للتسلسل التاريخي للإحتلالات الأجنبية في تاريخ العراق المعاصر صحافة الإحتلال تلك التي أصدرها المحتلون الأجانب حال دخولهم  العراق "محررين لافاتحين" مثلما هي دعاواهم و"كلاواتهم" الأصلية, فإن مهودر بحذاقة وحرفنة صحفية قلب العنوان رأسا لكن ليس على عقب, بل رأسا على رأس إن صح القول والتعبير حين جعله "إحتلال الصحافة" مع بقاء  كل من المحتلين الثلاثة, مدحت باشا, مس بيل, بول بريمر. لماذا؟ لأن مهودر إكتشف أن ثمة علاقة بين الدبابة والجريدة.

فعلى ظهر الغلاف الأخير كتب مهودرقائلا "للمرة الأولى أكتشف أن ثمة علاقة بين  الدبابة والجريدة ووراء كل جريدة أولى عهد جديد  وإحتلال جديد. وكل فاتح يفتح لنا  عهد صحافة جديد, وأن الصحف هي رسل القوم الينا لتوزع مجانا من فوق ظهور الدبابات مثل الموت ثم يكتب على صدر صفحتها الأولى إنها مستقلة". ويستمر مهودر في توصيفه الجميل للعلاقة بين الإحتلال عبر الدبابات وصحف إحتلال توصف بالإستقلالية وشعب لم يعد يعرف من (بكسر الميم) من (بفتح الميم) يستجير من الرمضاء بالنار حيث يقول "جميعهم جاؤونا محررين لا فاتحين ولا محتلين وجئناهم مستجيرين من الرمضاء بالنار, وهي جميعا صحف الوالي المبجل ومنه واليه (طبعا بإختلاف التسميات لكن المضمون واحد) سواء كان باشا (شأن الوالي التركي مدحت) أو مندوبا ساميا (شأن مس بيل وإن لم تكن مندوبا ساميا لكن شخصيتها وأدوارها تكاد تكون إختزلت عهد الإحتلال البريطاني  بها) أو حاكما مدنيا (شأن بول بريمر) الذي كان كتاب مذكراته (عام قضيته في العراق) هو الأسوأ بين كل مذكرات الغزاة والمحتلين والهتلية والأفاقين.

ولعل أدق ماتوصل اليه الباحث عبد الهادي مهودر في كتابه الرسالة أو رسالته الكتاب هو إيجاده الرابط بين الصحف الثلاثة التي رأى إنها ترمز لثلاثة إحتلالات (العثماني, الإنكليزي, الأميركي) حيث يقول عن شخصيات  المحتلين الثلاثة "وكأنهم جاءوا معا في زمن واحد وأجتمعوا ورسموا سياسة واحدة للصحف الثلاث  (زوراء العثمانية, والعرب الإنكليزية وبغداد الآن الأميركية) والأخيرة وهي جريدة آخر الإحتلالات حتى صدور هذا الكتاب". ومع أن هذه العبارة الأخيرة مؤلمة جدا لكن لها دلالتها العميقة لبلد برغم كل  موارده وقدراته وطاقات أبنائه خضع في غضون قرن ونصف تقريبا الى ثلاثة إحتلالات خلفت ماخلفت من فواجع وأزمات مجتمعية وسياسية وإقتصادية فضلا عما هو أقمش .. أزمة هوية وأزمة مواطنة. وبصرف النظر عن ظروف كل إحتلال فإن العبرة تبقى في الخواتيم. آمل مع صديقي عبد الهادي أن يكون مامررنا  به بعد عام 2003 آخر إحتلال منظور وغير منظور. وآمل على الأقل أن لاتكون رسالة ماجستير حفيد أبو ميثم هي "سيبرانية الإحتلال"  أو "الإحتلال السيبراني"حيث دخلنا  العصر الرقمي. فلا الدبابات لها  ظهور ولاالصحف الورقية عايشة لكي تكشف المستور. هذا إذا بقي مستور.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك