المقالات

عبد الهادي مهودر بين الدبابة والجريدة

1772 2021-09-22

 

حمزة مصطفى ||

 

عنوان لافت هذا الذي إختاره الزميل عبد الهادي مهودر لرسالته للماجستير في الصحافة وهو "إحتلال الصحافة" مع عنوان فرعي تعريفي لافت هو الآخر "عراق مدحت باشا.. مسل بيل .. بول بريمر". ومع أن الكتاب الصادر حديثا عن دار ومكتبة المرهج في بغداد, يتناول طبقا للتسلسل التاريخي للإحتلالات الأجنبية في تاريخ العراق المعاصر صحافة الإحتلال تلك التي أصدرها المحتلون الأجانب حال دخولهم  العراق "محررين لافاتحين" مثلما هي دعاواهم و"كلاواتهم" الأصلية, فإن مهودر بحذاقة وحرفنة صحفية قلب العنوان رأسا لكن ليس على عقب, بل رأسا على رأس إن صح القول والتعبير حين جعله "إحتلال الصحافة" مع بقاء  كل من المحتلين الثلاثة, مدحت باشا, مس بيل, بول بريمر. لماذا؟ لأن مهودر إكتشف أن ثمة علاقة بين الدبابة والجريدة.

فعلى ظهر الغلاف الأخير كتب مهودرقائلا "للمرة الأولى أكتشف أن ثمة علاقة بين  الدبابة والجريدة ووراء كل جريدة أولى عهد جديد  وإحتلال جديد. وكل فاتح يفتح لنا  عهد صحافة جديد, وأن الصحف هي رسل القوم الينا لتوزع مجانا من فوق ظهور الدبابات مثل الموت ثم يكتب على صدر صفحتها الأولى إنها مستقلة". ويستمر مهودر في توصيفه الجميل للعلاقة بين الإحتلال عبر الدبابات وصحف إحتلال توصف بالإستقلالية وشعب لم يعد يعرف من (بكسر الميم) من (بفتح الميم) يستجير من الرمضاء بالنار حيث يقول "جميعهم جاؤونا محررين لا فاتحين ولا محتلين وجئناهم مستجيرين من الرمضاء بالنار, وهي جميعا صحف الوالي المبجل ومنه واليه (طبعا بإختلاف التسميات لكن المضمون واحد) سواء كان باشا (شأن الوالي التركي مدحت) أو مندوبا ساميا (شأن مس بيل وإن لم تكن مندوبا ساميا لكن شخصيتها وأدوارها تكاد تكون إختزلت عهد الإحتلال البريطاني  بها) أو حاكما مدنيا (شأن بول بريمر) الذي كان كتاب مذكراته (عام قضيته في العراق) هو الأسوأ بين كل مذكرات الغزاة والمحتلين والهتلية والأفاقين.

ولعل أدق ماتوصل اليه الباحث عبد الهادي مهودر في كتابه الرسالة أو رسالته الكتاب هو إيجاده الرابط بين الصحف الثلاثة التي رأى إنها ترمز لثلاثة إحتلالات (العثماني, الإنكليزي, الأميركي) حيث يقول عن شخصيات  المحتلين الثلاثة "وكأنهم جاءوا معا في زمن واحد وأجتمعوا ورسموا سياسة واحدة للصحف الثلاث  (زوراء العثمانية, والعرب الإنكليزية وبغداد الآن الأميركية) والأخيرة وهي جريدة آخر الإحتلالات حتى صدور هذا الكتاب". ومع أن هذه العبارة الأخيرة مؤلمة جدا لكن لها دلالتها العميقة لبلد برغم كل  موارده وقدراته وطاقات أبنائه خضع في غضون قرن ونصف تقريبا الى ثلاثة إحتلالات خلفت ماخلفت من فواجع وأزمات مجتمعية وسياسية وإقتصادية فضلا عما هو أقمش .. أزمة هوية وأزمة مواطنة. وبصرف النظر عن ظروف كل إحتلال فإن العبرة تبقى في الخواتيم. آمل مع صديقي عبد الهادي أن يكون مامررنا  به بعد عام 2003 آخر إحتلال منظور وغير منظور. وآمل على الأقل أن لاتكون رسالة ماجستير حفيد أبو ميثم هي "سيبرانية الإحتلال"  أو "الإحتلال السيبراني"حيث دخلنا  العصر الرقمي. فلا الدبابات لها  ظهور ولاالصحف الورقية عايشة لكي تكشف المستور. هذا إذا بقي مستور.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك