عبدالزهرة محمد الهنداوي
قبل الانتخابات بأيام قلائل، خرج ملايين العراقيين، بين راجل وراكب، متوجهين الى كربلاء، لمناسبة اربعينية الامام الحسين، فمثّل هذا الخروج المليوني اكبر تظاهرة سلمية يشهدها العالم، الذي لم يشهد هكذا تظاهرة عفوية يشارك فيها نحو ٢٠ مليون انسان، يأتون من كل فج عميق، ، ثم تمر بسلام، من دون ادنى مشكلة، وان كانت سوء تفاهم بين شخصين.
ومما لاشك فيه ان تمسك العراقيين باقامة هذه التظاهرة سنويا وبزخم متصاعد عاما بعد عام، يعني بما لا يقبل الجدل، انهم يتبنون مبادئ الامام الحسين الاصلاحية، ويتمسكون بها، ويقاتلون من اجلها، وهم بهذه التظاهرة، انما يعلنون بضرس قاطع، رفض الفساد، و كل ما هو سيء، ويسعون الى الاصلاح ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.
وان تتزامن هذه التظاهرة المليونية الداعية الى الاصلاح ، مع قرب اجراء الانتخابات، فمعنى ذلك ان هذه الانتخابات المبكرة، يفترض ان تكون مختلفة عن سابقاتها، من حيث المدخلات والمخرجات، اي من حيث نسبة المشاركة الشعبية فيها، ومن حيث طبيعة الاختيارات، لاسيما وانها ستجري على مستوى المناطق، ووفقا لذلك يُفترض ايضا ان يكون الناخبون على معرفةبابناء منطقته المرشحين، فيختارون من يعتقدون انه الاجدر بمهمة التمثيل الحقيقي، بصرف النظر عن الحزب او الكتلة التي ينتمي اليها، وهذا المنطق من شأنه ان يبطل حجة الذين يقولون، ان الحال لن يتغير ، والوجوه الموجودة ذاتها سترافقنا الى الدورة المقبلة، فمثل هذا الكلام لم بعد موجودا مع الالية الجديدة للانتخابات.
ثم جاء بيان المرجعية الرشيدة ليقطع الجدل والنقاش، بشأن المشاركة من عدمها، فالمرجعية دعت في بيانها الى وجوب المشاركة الواسعة، وعدم التردد، لاننا امام مفترق طرق وعملية تحقيق مصير للبلاد والعباد، عبر التأسيس لمرحلة مقبلة يجب ان تكون مختلفة تماما عن المراحل السابقة، شريطة ان تؤدي المشاركة في الانتخابات الى اختيار الافضل، من ذوي الايدي البيض غير الملطخة بالفساد، وذي تاريخ مشرف، وحريص على مصالح الناس، وولاؤه للعراق فقط.
والذي نتمناه فعلا، ان تكون المشاركة في الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الاول ٢٠٢١، مشاركة نوعية وليست اسقاط فرض، وان يكون الاختيار وفقا للمعايير التي حددتها المرجعية، بعيدا عن كون المرشح الفلاني هو ابن عشيرتي او ابن خالتي او انتخب المرشحة العلّانية ، لانها "حلوة"!! انما المهم في الامر عندما نختار علينا ان نكون امام مسؤولياتنا ونستحضر واقعنا وما آلت اليه امورنا، ثم نقرر، لكي لانندم فيما بعد ونجلس نندب حظنا العاثر.. اليس كذلك؟!!