الشيخ خيرالدين الهادي ||
((اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ وَ تَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ وَ الْقَادَةِ فِي سَبِيلِكَ وَ تَرْزُقُنَا بِهَا كَرَامَةَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَة))
مرة أخرى كما عهدناها المرجعية الدينية تؤكد حرصها على سلامة البلاد والعباد باتباع أفضل الوسائل المشروعة والمهنية والفنية للوصول إلى تحقيق اُمنيات الجماهير العراقية بمختلف أطيافها ومكوناتها في ادارة البلاد وسبل تدوير المسؤوليات بين المتصدين للعمل في الواجهة السياسية التي لا تقل ضرراً إذا تُركت عن الفراغ الامني الذي يتسبب بانهيار المنظومات الادارية والخدمية؛ بل وكل النظام القائم على تسيير حركة الفرد والمجتمع.
أن فتوى المرجعية الرشيدة في ضرورة المشاركة في الانتخابات النيابية تستوعب قراءات متعددة؛ فمنها التأكيد على أهمية المشاركة الفعّالة والواعية في الانتخابات, وضرورة اختيار العناصر التي من شأنها أن تحقق طموح الجماهير بما يتناسب مع المرحلة الحاسمة من حياة العراقيين لا سيَّما في ما يتعلق بمواكبة التطورات العصرية التي تحققت في معظم الدول العالمية, ومسايرة النهضة الدولية في التطور والاستخدام الناجح للطاقات والقدرات الوطنية التي تبهر العالم عند اتاحة الفرصة لها بما يحمله الفرد العراقي من القدرة على القيادة واللياقة في الأداء.
ويمكن أن نقرأ في متابعة نص الفتوى أن أكثر من شارك في الحكومات السابقة هم ممن فشل في تحقيق النجاح وتلبية طموحات الشعب؛ لذلك فمن الاولى البحث عن دماء جديدة ونزيهة وكفوءة يمكنها أن تعالج ما أفسده الممثلون السابقون قصوراً أو تقصيراً, مع ملاحظة أن المخاوف من عدم نجاح العملية الانتخابية بتغيير الوجوه التي كانت قابعة على القلوب تنعكس سلباً على مرحلة ما بعد الانتخابات؛ لذلك فإن المسؤولية تقضي بضرورة التغيير نحو الافضل وعد الانجرار نحو رغبات الاحزاب التي ثبت فسادها وابتعادها عن هموم الشارع؛ لانشغالها بمصالحها ومصالح اتباعها فقط وعلى حساب باقي الشعب الذي عانى الأمرين من هفوات القاصرين واصرار الفاسدين.
ومن جانب آخر فنصُّ المرجعية الرشيدة تنبئُ بضرورة المحافظة على المكتسبات التي تحققت بعد التغيير والحذر كل الحذر من التعميم في الحكم على أن الجميع من الفاسدين؛ لأن ذلك من شأنه أن يساعد أعداء الشعب للتفكير في الرجوع إلى المرحلة السابقة من النظام الدكتاتوري؛ فبعض الطغاة بدأ يفكر بالعودة مرَّة اخرى بحجة الضعف الاداري وتسلط السراق والفاسدين, فمن الافضل ملاحظة خطورة الامر في ترك المشاركة؛ لأن عيون الاعداء متربصة؛ بل إن بعض الشعارات المخيفة بدأت بالظهور خاصة ما يتعلق بمسألة الحشد المقدس الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل تحرير العراق, ومع كل ذلك تجد أن بعض المهرجين يجعلون من دعاياتهم الانتخابية موضوع تحجيم الحشد أو إلحاقه ببعض المؤسسات الحكومية التي ثبت أنها غير أمينة للركون إليها.
أن عدم المشاركة في الانتخابات فرصة سمحة لوصول الفاسدين مرَّة أخرى, بل قد تنكسر المعادلات الواقعية؛ فيتولى رقاب العباد قطاع الطرق وعصابات الدم من الذين ينفقون الكثير من أموال الشعب للوصول إلى سدَّة الحكم؛ فيتحكمون بمصير الناس, ويعطلون الدستور, ويشجعون على الفساد والفوضى؛ ليبقى العراق لعبة بيد الشيطان الأكبر وانحصاره بين كمّاشة البلاء وحرمان العطاء ولات حين مندم.