حافظ آل بشارة ||
مرت على العراق معارك متوالية ظاهرها البلاء وباطنها الرخاء ، ظاهرها التهديد وباطنها التأييد ، كألم الجراحة التي تحيي ، ومرارة الدواء الذي يشفي ، وعندما نعود الى تقويم التحديات ما بعد التغيير ، نجد ان الذين فجروا حرم العسكريين عام 2006 كانوا يريدون اشعال الحرب الطائفية ، وبدل ذلك تغلب المكون المستهدف بصبره ومرجعيته ، وتحول رموز الفتنة الى مطلوبين مهزومين ، وعندما استخدموا داعش كان الرد تشكيل الحشد الشعبي فهلك داعش وبقي الحشد قوة لا تقهر ، وعندما اقالوا عادل عبد المهدي وقدموا الكاظمي كانجاز لتظاهرات تشرين ، فشلت حكومته وفشل معها المراهنون والداعم الدولي والاقليمي ، وبدل ان يخدموا مشروع اميركا اصبحوا وبالا عليها ، وعندما اغتالت اميركا قادة النصر انقلبت الفاجعة الاليمة الى مشروع تعبئة جماهيرية فكانت التظاهرة المليونية المطالبة بطرد الاحتلال تطرق ابوابهم ، وتبعها قرار مجلس النواب اخراج القوات الاجنبية ، وحين اقروا الانتخابات المبكرة لازاحة قوى المقاومة من العملية السياسية قامت تلك القوى بتعبئة ثقلها الاجتماعي بعد ان تصورت تلك القوى انها عاجزة عن العودة الى الشارع بفعل الحرب الامريكية الناعمة التي رسمت لها الصورة الابشع ، واذا بجمهورها يحتشد في تجمعات انتخابية كبيرة مستعيدا حضوره مؤكدا نصرته للقوى والفصائل المستهدفة ، ثم ارادوا التلاعب بالاصوات لاستكمال ازاحة القوى المستهدفة ، واشتركت في اللعبة دوائر عالمية واقليمية بكل قدراتها ، وانكشف حجم التلاعب ، وبدأت الاعتراضات والشكاوى ، وتحول الاعتراض على النتائج الى تعبئة جماهيرية أخرى ، حاليا الشارع بيد القوى المعترضة ، الجمهور يشعر بالاهانة لسرقة اصواته ، هناك غضب ورفض وتحد ، والاعتصام يتسع وقوى التلاعب اصبحت في مأزق ، عرف العراقيون ان حواضن الارهاب العالمية والاقليمية نفسها تتبنى هذا التلاعب الذي يستهدف الشيعة دون غيرهم ، ويصادر اصوات الاهالي في الوسط والجنوب ، هذا التحدي جعل القوى السياسية الشيعية تتوحد متأخرة وتلتقي في الاطار التنسيقي وتخطط لمواجهة الاستهداف ، ولولا هذا الحدث لما انخرطت تلك القوى في تجمع متماسك ، ولولا هذا الاستهداف لما خرجت الجماهير في بغداد والمحافظات مطالبة باستعادة اصواتها لتشكل حشدا جديدا ، خلاصة النتائج المعكوسة لفشل المتلاعبين وانقلاب السحر على الساحر :
1- القوى التي ارادوا ازاحتها سوف يتعزز وجودها في العملية السياسية .
2- القوى الدولية والاقليمية كشفت كل اوراقها وعلم الجميع بعداوتها للعراق.
3- الجماهير التي كانت محبطة هزها الغضب وتجمعت واحتجت يحميها الدستور والقانون.
4- هذه التظاهرات قدمت درسا في التظاهر الخالي من المندسين والاشرار والقتلة من حارق وسارق وفاسق.
5- المفوضية فوجئت بهذا الدرس القاسي الذي تتلقاه من الجمهور الغاضب والقوى السياسية ، صحيح ان هذه اسوأ انتخابات جرت في العراق ، الا ان الموقف الجماهيري والسياسي الرافض لافعال المفوضية وتخبطها وفشلها ولعبتها الخاسرة يعد الاول من نوعه.