الشيخ محمد الربيعي ||
حُسن النية في التعاملات البشرية هو إبرام النية الصادقة على التصرف، والتعامل بصدق وأمانة وإخلاص، بغض النظر عن عاقبة هذا التصرف.
يعد مفهوم حسن النية من أساسيات التعامل في مختلف جوانب الحياة اليومية.
محل الشاهد :
للنية في الإسلام دورٌ مهمٌّ في إعطاء الفعل و الموقف الإنسانيّ قيمته الحقيقية ، كما لها دورٌ في تقييم الفاعل أي تحديد قيمته و موقعه أو رتبته الحقيقية.
فالإسلام لم يعط الفعل العباديّ و لا الفاعل قيمةً و لا أهمّيةً مجرّدة عن النية و القصد و بمعزلٍ عنهما, بل إنّ الفعل العباديّ في نظر الإسلام هو جهدٌ إنسانيّ تحدّد قيمته النيّة و القصد ، لأنّ مدار الأعمال على النيّات فهي التي تعطي العمل قيمته الواقعية.
و بما أنّ النية تعبيرٌ عن الموقف الداخليّ ، وعن التوجّه الذاتيّ، و الحقيقة الباطنة للإنسان التي هي روح الفعل الحقيقية ، لذلك فإنّ النية تعتبر أداة كشفٍ عن حقيقة الباطن الإنسانيّ.
تلك الحقيقة التي ليس بإمكان الفعل أن يكشفها لأنّ الفعل يمكن أن يخضع لعملية تزوير مقصودة من قبل الانسان ، و ذلك أنّه صياغةٌ لجهدٍ ظاهر ، يمكن أن يخرجه الفرد بشكلٍ لا يتطابق بالضرورة مع حقيقته الداخلية و محتواه الباطن .
ومن أجل إيضاح الفكرة أكثر نقول إنّنا نرى الكثير من الناس يبذل المال، ويبدي حسن الخلق ، ويصلّي و يصوم ، و نحن نشاهد تلك الصور الظاهرة للأفعال متساوية في الظاهر عند جميع الممارسين لها ، فنحسبها سواء ، ولكن لتقييمها في نظر الإسلام وسيلة أخرى ، و لوزنها ميزان آخر ، و هو النية .
محل الشاهد :
فالأعمال الّتي تكون على هيئة واحدة في الظّاهر، مثل الذّهاب للجهاد، لا تكون كلها متساوية في النية و الدافع ، فيمكن أن يكون الباعث لهذا العمل كسب الغنائم أو الاستعلاء على النّاس و التفاخر بالبطولات ، أو قد يكون دافِعُهُ نصرة الحقّ ودفع الظّلم وإطفاء نار الفِتن وأمثال ذلك.
فالذّهاب لِلحرب، واحدٌ في الشّكل و الظّاهر، ولكن شتّان بين النّوايا السّليمة، وبين النّوايا المغرضة ،
و كذلك في السياسة و العمل السياسي مطابق لمثال الحرب ، وكذلك العمل الحكومي و التصدي فيه .
نحن نقول نحن بحاجة ماسة اليوم و ملحة الى حسن النية في العمل السياسي ، يجب ان يعلم الجميع على مستوى الفرد او جماعة ممن يتصدوا الى العمل السياسي ، يجب ان يحسنوا نواياهم في التعامل فيما بينهم كمجموعة سياسية موحدة تحت مسماهم المشترك ، و كذلك يحسنون النية مع المجاميع السياسية الاخرى ، حتى نحصل على اتفاقات وتوافقات صادقة تشملها الرعاية الإلهية ، فتنتج نتاج طيب فيه مصلح الشعب و البلد .
وبهذا الصدد نذكر بالقول الصادر عن مؤسسة القدوة الحسنة ، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّما قدّر الله عون العباد على قدر نيّاتهم فمن صحّت نيّته تمَّ عون الله له ، ومن قصرت نيّته قصر عنه العون بقدر الذي قصّر .
اذن لا تكونوا يامن تصديتم للعمل السياسي بعيدين عن عون الله لكم بسبب سوء نياتكم اتجاه ما يصدر منكم من قول و فعل .
نسأل الله حفظ الاسلام و اهله
نسأل الله حفظ العراق و شعبه
https://telegram.me/buratha