حمزة مصطفى ||
حين تمشى نيل أرمسترونغ أول إنسان على سطح القمر عام 1969 قال جملته الشهيرة "خطوة صغيرة لإنسان خطوة كبيرة للبشرية".
بصرف النظر عن طبيعة الصراع على الفضاء بين أميركا والإتحاد السوفياتي في ستينيات القرن الماضي (غاغارين الروسي أول رائد فضاء مطلع الستينات من القرن الماضي وأرمسترونغ الأميركي أول إنسان يهبط على سطح القمر) فإن الهدف منه فتح آفاق علمية لمعرفة ماوراء كوكبنا.
كان كوكبنا قبل ستة عقود حيث بدأت مغامرة إكتشاف الفضاء زاهيا لا يعاني مثلما يعانيه اليوم وبخاصة على صعيد الإحتباس الحراري وتغير المناخ وإتساع ثقب الأوزون.
كان المتوقع أن لايأخذ مايفترض إنه تنافس بين القطبين شكل الصراع الذي تطور خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي الى مايعرف بـ "حرب النجوم". ولم تكن حرب النجوم في الواقع سوى خديعة ضلل من خلالها الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان ماتبقى من عجائز الكرملين عقب وفاة ليونيد بريجينف.
فلم يكن قسطنين تشيرننكو بمستوى تلك الزعامة التاريخية للترويكا الروسية في الستينات والسبيعينات (بريجنيف, بودكورني, كوسيجن). ومع أن تشيرننكو لم يستمر في الكرملين سوى عامين تقريبا, فإن خلفه أندروبوف جاء في وقت بدأ الصراع والتنافس يميل لصالح الولايات المتحدة.
وإذا كان ريغان إستمر في حرب النجوم فإن غورباتشوف أجهز على ماتبقى من الإتحاد السوفياتي حتى إنهياره مطلع تسعينيات القرن الماضي. شكل الصراع بين العملاقين ذهب بعيدا في السياسة وتداعياتها دون الإلتفات الى جملة أرمسترونغ "خطوة صغيرة لإنسان, خطوة كبيرة للبشرية". سرعان ما أعلن فوكاياما "نهاية التاريخ" وعد هنتنغون ماجرى وماسوف يجري "صدام حضارات".
لم يلتفت أحد الى وضع الكوكب الذي نتشارك فيه جميعا سواء أيام كان عدد نفوسه وقت صراع حرب النجوم لايزيد عن ثلاثة مليارات ونصف الى نحو 6 مليارات إنسان اليوم.
الفارق بين اليوم وبين قبل نحو 60 عاما أن الأرض كانت تسعفنا بما نريد, بينما اليوم تأن تحت شتى أنواع المشاكل والأزمات آخرها جائحة كورونا التي لم تكن سوى سوء تدبير من البشر بشأن كيفية التعامل مع الأرض التي شحت مواردها وبدأت تنهش فيها شتى الأزمات مناخيا. التقديرات تشير الى أن كوكب الأرض لم يعد قادرا بعد عقود من الزمن على إدامة الحياة للمزيد من المواليد الجدد.
في مقابل ذلك لاتوجد إجراءات حقيقية على صعيد كيفية التعامل مع هذه التحديات.
صحيح أن مدينة كلاسكو البريطانية تحتضن هذه الأيام مؤتمرا مهما يتعلق بالمناخ الإ إنه يمكن القول أن دول العالم ومنظماته لم تكن لا من قبل ولا الآن بمستوى مايمكن أن يواجهنا من تحديات بيئية وكوارث محتملة.
هذا يعني أن العالم الذي إنبهر بهبوط أرمسترونغ على سطح القمر ولايزال منبهرا بجملته "خطوة صغيرة لإنسان, كبيرة للبشرية" لم يعمل شئ في كيفية ترجمة هذه الجملة.
فالآن وبعد أكثر من خمسة عقود من الزمن على ذلك الحدث فإننا يمكن أن نعيد صياغة تلك الجملة بحيث تكون خطوة كبيرة لإنسان لكنها لاتزال صغيرة للبشرية التي لم تستفد منها على صعيد مواجهة التحديات وما أخطرها في المستقبل غير البعيد.
https://telegram.me/buratha