المقالات

المعركة الاعلامية بين الاحتلال والمقاومة 

2618 2021-11-11

  حافظ آل بشارة ||   حافظ آل بشارة || في الدول الديمقراطية المستقلة يطلقون على الاعلام اسم (السلطة الرابعة) فنظام الحكم الديمقراطي مؤلف من ثلاث سلطات هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ، ولأن السلطات الثلاث ذات سيادة وقرار مستقل فان الاعلام بوصفه سلطة رابعة يكون ايضا مستقلا وصاحب قرار ،  الاعلام في الدول المستقلة يقوم بمراقبة ونقد كل السلطات ومراقبة ونقد المجتمع ايضا ، وتشكيل حلقة وصل بين الحكومة والشعب وبالعكس ، وايجاد مساحة للحوار بين الجمهور ، وصناعة الرأي العام في مختلف الملفات والقضايا ، وتحقيق التواصل القيمي بين الاجيال وحفظ الهوية الوطنية ، ولكن عندما يكون البلد محتلا فذلك يعني ان جميع السلطات فيه سلطات شكلية وديكور ومجرد اسماء لا تمتلك الاستقلال ولا القرار ، بل اكثر من ذلك هي سلطات مسخرة لخدمة مصالح الاحتلال ، اذن سيكون دورها هداما في حياة البلد لأن مصالح الاحتلال والبلد المحتل متناقضة ، وعندما تفقد السلطات الثلاث مصداقيتها بهذا الشكل فليس معقولا ان تكون هناك سلطة رابعة حقيقية ، وبدلا منها يتكون وينمو اعلام الاحتلال .  وهنا تبدأ المعركة الناعمة الصامتة بين اعلام الاحتلال واعلام المقاومة ، وعادة يشكو اعلام المقاومة من شحة التمويل فتكون وسائله في البث والنشر ضعيفة ، والعاملون فيه ضعفاء مهنيا لعدم قدرته على استقطاب الكفاءات وعجزه عن منح رواتب مناسبة للعاملين ، واعتماده على العمل التطوعي ، ومعروف ان الاعتماد على المتطوعين لا ينتج مؤسسة اعلامية رصينة. هدف القطاع الاعلامي التابع للاحتلال اغراق المجتمع برسائل متنوعة لأجل تعميق التبعية وتسطيح الوعي ، واشاعة التفاهة ، وسلب الثقة بالنفس ومسخ الهوية والانتماء ، والافساد الاخلاقي ، وتجهيل المجتمع وتشجيع البطالة وزرع البغض والعداء لقيم الدين ، واشاعة التفرقة واذكاء عوامل الصراع الاجتماعي ، وتخريب علاقة المجتمع بالمقاومة ، وتبرئة الاحتلال من الجرائم والصاقها بالمقاومة ، ومحاولة اقناع المجتمع بأن ما يلحق به من مآس ليس سببها الاحتلال بل سببها التمسك بالمقاومة والدين والاخلاق . وينتدب الاحتلال افضل الاعلاميين وصناع الرأي وصناع الرسالة الاعلامية شكلا ومضمونا للعمل في اعلامه ويغدق عليهم الاموال الهائلة والامتيازات ، ويستخدم احدث التقنيات ، فتكون رسالته الاعلامية اجود بناء واكثر اقناعا وسحرا واخطر دورا .  اما المقاومة فتكون مقاومة سياسية او مقاومة مسلحة او كلاهما ، والمهم في هذا المقام ان المقاومة لا يمكن ان تعمل مالم تكن منبثقة من ارادة الشعب ، فيكون لها غطاء جماهيري ، وتكون لها بيئة اجتماعية حاضنة ، وهنا يتنازع اعلام المقاومة واعلام الاحتلال على بيئة اجتماعية واحدة ، ومقابل اعلام الاحتلال يعمل اعلام المقاومة على تثقيف المجتمع تعبويا ومعرفيا ثقافة تدعو الى التحرر ، ورفض الاحتلال والتبعية ، واطلاعه على حقيقة ما يجري واستنهاض الأمة والتذكير بالقيم الدينية والاخلاقية ، وجريا على قاعدة ان الاعلام انعكاس لما يجري على الارض ، تجد ان سلوك المقاومين السياسيين او المسلحين ينعكس على اداء مؤسساتهم الاعلامية ، وبذلك يصبح هذا الضجيج وهذه الفوضى في الفضاء الاعلامي المزدحم امورا مفهومة ، ويمكن تفصيل ذلك في مقالات أخرى.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك