قاسم سلمان العبودي ||
بات واضحاً وجلياً أن الهدف من تزوير الأنتخابات هو أعادة رسم الخارطة السياسية العراقية ، وفق المنظور الخارجي . يبدوا أصرار بعض الأحزاب السياسية على ( تحديث ) العمل السياسي أصطدم بالأجندة الخارجية القاضية بصناعة الفوضى في الساحة العراقية .
لذا نرى أن جميع المبادرات التي أطلقت من قبل رئاسة الجمهورية ، أو رؤساء بعض الإحزاب التي أنضوت تحت مظلة المبعدين قسراً في أنتخابات تشرين ، لم ترضي ذائقة الإطار التنسيقي الذي عبر من مرحلة تنسيق القوى المبعده عن السباق الأنتخابي ، الى مركز صناعة قرار وطني هادف الى العبور بالعراق وديمقراطيته وعبر الأطر القانونية الى أعادة النصاب لتلك الديمقراطية التي بُنيت بأنهار من دماء العراقيين .
ما يثبت أدعائنا بأن الأنتخابات سارت وفق الذائقة الخارجية ، هو ذهاب ممثلة الأمين العام للأمم المتحده بلاسخارت الى التدخل في كل جزئيات العملية الأنتخابية ، بل وصل الإمر بها بالتصريح برفض عملية أعادة العد والفرز اليدوي ، قاطعة بذلك أي مبادرة من الممكن أن تبديها مفوضية الأنتخابات للرد على الجمهور الغاضب والمطالب بأستعادة صوته المنهوب .
فضلاً عما ذُكر ، فأن جينين بلاسخارت أبرقت الى مجلس الإمن الدولي ، طالبة منه مباركة العملية الأنتخابية ، حتى قبل أن تعلن النتائج النهاية من قبل مفوضية الأنتخابات . حراك بلاسخارت الغير مهني ومباركة مجلس الأمن الدولي ، فضلاً عن تراجع حظوظ القوى السياسية الشيعية الرافضة لبقاء المحتل الأمريكي ، هي من ذهبت بنا الى نظرية التزوير حتى قبل أن تعلن النتائج النهائية للقوى السياسية بأكملها .
لذا نقول أن العراق اليوم يمر بمنعطف هو الأخطر منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم ، وخصوصاً بعد أن تبين هناك عملية تزوير فعلياً قد حدثت وأُثبتت بما لايقبل الشك عن طريق أدلة الأطار التنسيقي الذي قدمها تترا الى مفوضية الأنتخابات التي لم تعر الموضوع آذانٍ صاغية . أدراك الجمهور لحقيقة التزوير ، رفد ساحة التظاهر بأعداد غفيرة من المواطنين دعما للمطالبة بأصواتهم المسروقة مما أغضب المحتل الذي أوعز الى بعض الجهات المتناغمه معه بأطلاق الرصاص الحي صوب المحتجين السلميين الذين أظهروا صورة مشرقة للمتظاهر السلمي الواعي .
جميع هذا التداعيات أوصلت المسألة الى أنسداد كبير يصعب معه التكهن بما ستؤول اليه الأمور وخصوصاً بعد الحراك الصدري الأخير ، الذي نطق به زعيم التيار السيد مقتدى الصدر ، والذي كان يحمل بين ثنايا خطابه لهجة تهديد واضحة للقوى السياسية ، والتي أسماها مجازاً بالخاسرة .
أرتفاع سقف المطالب سيكون حاضراً في ساحة التظاهر ، وخصوصاً بعد أن تبين حرج المفوضية الكبير بالتعاطي مع الأزمة القائمة ، وتبيان حقيقة التزوير الذي بات مؤكداً وقاطعا . الهدف الخارجي هو الآخر بدا واضحاً في عملية أبعاد القوى السياسية التي تبنت القرار البرلماني الخاص بأخراج القوات الإجنبية من جهة ، ومن جهة أخرى أرباك الوضع الداخلي من أجل صناعة رأي عام ضاغط من خلال التصريحات الأعلامية بأن ما يجري في العراق هو صراع على مقاعد البرلمان القادم ، في محاولة لتسقيط المسارات الوطنية الرافضة لكل ماهو غير وطني . أذن الأهداف متعددة للمحتل الإمريكي الذي يتبنى مشروع أسقاط الدولة العراقية في حضن التطبيع المذل مع العدو الصهيوني ، من خلال أدواته في الداخل والخارج .