حمزة مصطفى ||
قبل تكليفه بتشكيل الحكومة بعدة شهور كتب رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي مقالا عنوانه "الشروط غير متوفرة". بعد شهور من هذا المقال الصحيح البليغ الذي يمثل خريطة طريق قبل الرجل المنصب فتاهت عليه وعلينا وعلى المؤمنين الذين لم يكفهم الله شر القتال. كانت النتيجة بلا شرطها ولا شروطها مئات الشهداء والآف الجرحى في تظاهرات جماهيرية يكفلها الدستور. بقينا والدماء تنزف نتمسك بهذه العبارة البلهاء الجوفاء أن الدستور يكفل حق التظاهر. ولأن العبارة بقيت عائمة سابحة في فضاء الإوهام والإيهام والترهيم والترهام فقد بقيت ولسوف تبقى سابحة سائحة سانحة عند كل تظاهرات أيا كانت تلك الظاهرات ضد مطعم فلافل العطشان أم ضد بلاسخارت.
قبل الموعد الدستوري لإجراء الإنتخابات الدورية قررنا إجراء إنتخابات مبكرة مع أن الشروط غير متوفرة. جئنا بقانون جديد ومفوضية جديدة ورئيس وزراء جديد و"دشينا" مثلما يقول الأخوة الكويتون معركة الإنتخابات واضعين شرطا واحدا عائما هو إنتخابات نزيهة. ولأننا من كثرة ترداد مفردة "نزيهة" ونزاهة ونزيه فإن من يحملون هذه الأسماء كفروا بأبائهم الذين ورطوهم بها دون أي ذنب لهم في حمل إسم قد لايكون على نفس المسمى, وقد تكون شروط التسمية هي الأخرى غير متوفرة.
جئنا بحكومة بعد تكليفين لم ينجحا والسبب " الشروط غير متوفرة". وحين جاءت هذه الحكومة الحالية حاولت التوفيق بين الشروط غير المتوفرة وبين مايقع في باب المناسب عمله في ظل تصادم المواقف والإرادات, وهذا يعني أن شروط النجاح غير متوفرة. توافق الجميع على إجراء إنتخابات مبكرة على أمل تحسين الشروط. بعد إعلان النتائج تضاعفت المشاكل والأزمات بل وصلت الخلافات حد الإختلاف على الشروط نفسها مع إنها غير متوفرة. ليس أمام الجميع حتى تمشي العربة "عكرف لوي" لابد من وضع الحصان خلفها. لسان حال الجميع يقول طالما أن الشروط غير متوفرة فلايهم إن مشى الحصان وتوقفت العربة أو توقفت العربة ومشى الحصان.
الآن ننتظر النتائج والشروط معا. هل تظهر النتائج مطابقة للشروط أم مفارقة لها؟ هل في حال ظهرت نتائج صحيحة تتوفر الشروط أو العكس؟ لكن نتائج من هي الصحيحة ونتائج من غير الصحيحة؟ شروط من هي الصحيحة وشروط من غير الصحيحة؟ في ضوء هذه "الداوركيسة" كيف يفكر من يعرفون أن أسماءهم متداولة لكي يكون أحدهم "بعد يومين" رئيسا للوزراء؟ هل جهزوا مناهج عمل لهم يحسنوا بموجبها من شروط حياتنا أم حضروا مقالات يصدعون بها رؤوسنا عند الضرورة؟ من الآن أنا شخصيا أقول لمن ينوي الترشح أو يبحث عن الترشح أو يعرف إنه مرشح أن الشروط غير متوفرة الإ في حالة واحدة فقط, وهي أن يحضر المرشح أو من ينوي الترشح أو يعرف إنه مرشح قائمة طويلة من الشروط التعجيزية أمام القيادات والزعامات التي بيدها لا بيد الصناديق الحل والعقد والترهيم والتلزيك. إن قبلوا يقبل وإن رفضوا يرفض.