المقالات

الخطاب الإلهي وحرية التعبير(3)

1511 2021-11-24

  د.أمل  الأسدي ||   🔴الأنموذج الرابع:حوار اللهِ تعالی مع النبيّ عيسی(عليه السلام) ومن نماذج حريةِ التعبيرِ الأخری قوله تعالی:((وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ۞ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۞ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) سورة المائدة،الآيات:١١٦ -١١٨ تدور آراءُ المفسرينَ في توجيهِ هذه الآياتِ أو المشهدِ الحواريّ علی أنه مشهدٌ سيكونُ في يومِ القيامةِ،أو أنه مشهدٌ قام حين رفع اللهُ تعالی عيسی( عليه السلام) إليه، أو أنه خطابٌ تحذيريٌّ الی النبيّ عيسی،أي إياكَ أن تقول هذا الكلام!! أو أنهُ إخبارٌ للنبيّ بأن قومَهُ أشركوا باللهِ تعالی ونسبوا الكلامَ إليه. يُنظر علی سبيل المثال:.تفسير الطبري،تفسير القرطبي،تفسير الطبرسي ونحن هنا نودُ التحدثَ عن نقطتينِ مهمتينِ، الأولی :متعلقةٌ بدلالة هذا الحوارِ وأهميتهِ ضمن هذا السياقِ القرآنيِّ، فبعيدا عن توجيهاتِ المفسرينَ للآياتِ الكريمةِ،نری أن هذه الآياتِ وتمظهرَها بهذا الشكلِ الحواريِّ بين اللهِ تعالی والنبيِّ إنما هو إنباءٌ من اللهِ تعالی لما ستكونُ عليه الأمورُ المستقبليةُ بالنسبةِ للنصاری، أي أنه إلقاءُ حجةٍ تامةٍ عليهم،بوساطةِ نفي نبيهم لألوهيتهِ وأمهِ(عليهما السلام) وإقرارهِ بالعبوديةِ للهِ تعالی!! ورغمَ هذا الإنباءِ والتحذيرِ  نجدُ من يقولُ حتی عصرِنا هذا : إن اللهَ ثالثُ ثلاثة!! أما النقطةُ الأخری :فهي متعلقةٌ بموضوعِنا عن الخطابِ الالهيِّ وحرية التعبير، فقد استفهمَ اللهُ تعالی من النبيّ عيسی عن حقيقةِ قولِهِ، فأجابه النبيُّ بكلِّ أدبٍ وبشكلٍ تفصيليٍّ يتناسب مع استفهامِ ربِّ العزةِ والجلالةِوتقريرهِ: ١-  قدّم ما ينزِّه اللهَ تعالی عن الشركِ فقال: سبحانك!! ٢ - واصلَ ردَّه  نافيًا أن يصدرَ عنه مالا يحقُّ قولُه!! ٣- بسطَ حجتَه أكثرَ أمامَ المولی عزّ وجلّ فقال: إن كنتُ قد قلته فأنتَ تعلمُ به!  ٤-  تعلمُ مافي نفسي،ولا أعلمُ مافي نفسِكَ، وكأنهُ يعلنُ عن جهلهِ بعلةِ استفهامِ المولی رغم أنه يعلمُ مافي نفسِ النبيِّ ويعلمُ توجهَهُ وسلوكَه مع قومهِ. ٥- أكدّ  للمولی أنه عليمٌ مطلعٌ علی الغيب فقال:إنكَ أنتَ علاّمُ الغيوب ويمكنُ للمتلقي أن يتأملَ في لوازمِ التأكيدِ في السياقِ(إنّ  ـ أنتَ،علاّم،الغيوب)كلها تجعل السياقَ مؤكداً قوياً ثابتاً. ٦- نفی النبيُّ عن نفسه أنه قال شيئا سوی ما اُمِر به، وهو الأمر بعبادةِ اللهِ تعالی وهو ربُّهُ وربُّهُم. ٧- إن اطلاعي علی قومي مرهونٌ بوجودي بينهم، عدا ذلك فإنكَ أنتَ الرقيبُ عليهم! ٨- اختتم النبيُّ إجابتَهُ بإحالةِ الأمر لله تعالی، فهم عبادُهُ والأمرُ متروكٌ إليه، يغفر لهم أو يعذِّبهم، إنه العزيز الحكيم.  فنلاحظُ مدی حريةِ التعبيرِ في حضرةِ المولی،فحين سألَ الجليلُ سؤالا واحدا، ردّ عليه النبيُّ رداً مفصلا مبسوطا، أظهر فيه براءتَه وقدّمَ حجتَه بطريقةٍ حواريةٍ شفافةٍ، استغرقتْ وحداتٍ لغويةٍ عديدةٍ، تلقّاها ربُّ العزةِ وتقبّلها قبولاً حسنا إذ  واصل حوارَهُ مع النبيّ :((قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))سورة المائدة،الآية :١١٩
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك