الشيخ محمد الربيعي ||
قال الرسول الخاتم محمد ( ص اله ) قال: [ يأتي زمانٌ على أمَّتي ، القابض على دينه كالقابض على الجمر ].
عندما ندقق في ماورد عن الخاتم ( ص اله ) ، نجد فيه بيان امرين :
الامر الاول : ان الزمان القادم على المؤمن الحقيقي على مخلص على الوطني ، ليس بالسهل ( باعتبار الدين يشمل كل جوانب الحياة ) ، و لن تكون الامور بذلك الصفاء امامة ليفهمها بسهولة بجميع الاتجاهات ومن ضمنها الجانب السياسي ، بل يراد الجد الحثيث لبيان حقيقة ما يحدث و سيحدث ، اي ان مهمة المؤمن فيها صعوبة فائقة .
الامر الثاني : ان طبيعة مجريات الامور ستكون صعبة جدا بوجود بعض الذوات الخاضعة لنفس الامارة بالسوء و الخاضعة ، لوسواس الشيطان الجن ، و شيطان الانس من دولة الاستكبار و الاحتلال .
محل الشاهد :
اذن هذا الحديث يقتضي خبرا و إرشادا ، فأما الخبر : فإنه أخبر ( ص آله) أنه في آخر الزمان يقل الخير و أسبابه ، و يكثر الشر و أسبابه ، و أنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين ( ومن جوانبه السياسة الحقة ) من الناس أقل القليل ، و هذا القليل في حالة شدة و مشقة عظيمة ، كحالة القابض على الجمر ، من قوة المعارضين ، و كثرة الفتن المضلة ، فتن الشبهات و الشكوك و الإلحاد ، و فتن الشهوات و انصراف الخلق إلى الدنيا و انهماكهم فيها ، ظاهرا و باطنا ، و ضعف الإيمان ، و شدة التفرد لقلة المعين و المساعد .
و لكن المتمسك بدينه ( السياسة الحق ) ، القائم بدفع هذه المعارضات و العوائق التي لا يصمد لها إلا أهل البصيرة و اليقين ، و أهل الإيمان المتين ، من أفضل الخلق ، و أرفعهم عند الله درجة ، و أعظمهم عنده قدرا .
و أما الإرشاد : فإنه إرشاد لأمته ، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة ( الاستقامة بالدين و السياسة الحق ) ، و أن يعرفوا أنه لا بد منها ، و أن من اقتحم هذه العقبات ، و صبر على دينه و إيمانه – مع هذه المعارضات – فإن له عند الله أعلى الدرجات ، و سيعينه مولاه على ما يحبه و يرضاه ، فإن المعونة على قدر المؤونة .
محل الشاهد :
و ما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره ( ص اله ) ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه ، و لا من القرآن إلا رسمه ، إيمان ضعيف ، و قلوب متفرقة ، و حكومات متشتتة ، و عداوات و بغضاء باعدت بين المسلمين ، و أعداء ظاهرون و باطنون ، يعملون سرا و علنا للقضاء على الدين الحق و سياسة الحق ، و إلحاد و ماديات ، جرفت بخبيث تيارها و أمواجها المتلاطمة الشيوخ و الشبان ، و دعايات إلى فساد الأخلاق ، و القضاء على بقية الرمق .
ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا ، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم ، و أكبر همهم ، و لها يرضون و يغضبون ، و دعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة ، و الإقبال بالكلية على تعمير الدنيا ، و تدمير الدين و احتقاره و الاستهزاء بأهله ، و بكل ما ينسب إليه ، و فخر و فخفخة ، و استكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها و شررها و شرورها قد شاهده العباد .
فمع هذه الشرور المتراكمة ، و الأمواج المتلاطمة ، و المزعجات الملمة ، و الفتن الحاضرة و المستقبلة المدلهمة – مع هذه الأمور و غيرها – تجد مصداق هذا الحديث .
النتيجة :
ايها المؤمن بسياسة الحق الذي يعيش في زمن الجمر ، عليك مع كل ذلك ، ان لا تقنط من رحمة الله ، و لا تيأس من روح الله ، و لا يكون نظرك مقصورا على الأسباب الظاهرة ، بل تكون ملتفت في قلبك كل وقت ، إلى مسبب الأسباب ، إلى الكريم الوهاب ، و يكون الفرج بين عينيك ، و وعده الذي لا يخلفه ، بأنه سيجعل لك بعد عسر يسرا ، و أن الفرج مع الكرب ، فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال : لا حول ولا قوة إلا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل .
و على الله توكلنا . اللهم لك الحمد ، و إليك المشتكى . و أنت المستعان . و بك المستغاث . و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، و يقوم بما يقدر عليه من الإيمان و النصح و الدعوة . و يقنع باليسير ، و يتذكر دائما قوله تعالى : [ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ] ، [ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ] ، [ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ]
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و اهله