عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
ربما يتصور البعض، ان مهمة الناطق او المتحدث الرسمي، سهلة ويسيرة، وبإمكان اي كان ادائها، والبعض الاخر يعتقد ان المتحدثين الرسميين، ينعمون بحياة مخملية، تشبه حياة الاباطرة والقياصرة!!، وبعض اخر يتصور ، ان الناطق او المتحدث له اليد الطولى في اتخاذ القرارات، ووضع السياسات، ومعالجة المشكلات، وتوفير الخدمات!!، وصنف رابع، يُخيّل اليه، ان الناطق مثل "البانزينخانة مال گبل" يعمل ٢٤ ساعة!! وبعض خامس، يتوقع، ان المتحدث عبارة عن موسوعة متحركة، لديه علم ومعرفة بجميع العلوم والمعارف، ما ظهر منها وما بطن، وما أُكتشِف منها وما لم يُكتَشف!!..
وقد يكون في بعض هذه التصورات والتخيلات والاعتقادات والمسموعات، شيئا من الصحة، فالمنطق يقول ان على المتحدث الرسمي، ان يكون ملما الماما كاملا بسياسة وتوجهات واجراءات المؤسسة التي ينطق باسمها، وان يكون قادرا على اقناع الرأي العام بهذه السياسات من خلال اعتماده على الحقيقة، والاسلوب السلس والمقبول الذي يجعل من الجمهور متفاعلا معه.
كما ينبغي ان تكون لديه القدرة على التحمل والمطاولة، وضبط انفعالاته، وتوسيع قاعدة علاقاته، ودائم التواصل مع الاعلاميين، وان يكون متمكنا من الاجابة عن الاسئلة التي توجه اليه، وليس عيبا ان ان يقول لا اعرف الاجابة، من دون ان يعرض نفسه ومؤسسته لاحراج، فيما لو اجاب عن سؤال لايعرفه، اجابة خاطئة قد تكلفه الكثير.
ولكن.. ازاء ماتقدم، كيف تبدو صورة المتحدث الرسمي في مؤسساتنا المختلفة؟، بالتأكيد ان هناك الكثير من المعاناة التي يواجهها زملاؤنا الناطقون والمتحدثون، وهذه المعاناة، متعددة الرؤوس، رأس يرتبط بالمشهد الاعلامي، وما يمثله من ضغط هائل على المتحدثين، هذا الضغط يصل في بعض الاحيان، الى تكفير الناطق، واخراجه من ملة الاعلام، واتهامه بالزندقة الاعلامية!!وهذا التكفير، احيانا يكون بحق، واكثر الاحيان من دون حق، فهناك الكثير من الافتراءات والاكاذيب التي يختلقها "بعض الاعلاميين" لغايات معروفة، ثم يبدأوا بحملة تشهير و"تفصيخ" للمتحدث، وفي احيان اخرى، ربما يكمن الخلل في المتحدث نفسه، وهذا يحيلنا الى الرأس الثاني من المعاناة، وهو ان الناطق او المتحدث، يكون مستبعدا او بعيدا عن مركز القرار، وبالتالي فهو لا يتوافر على المعلومة، لدرجة انه يطلع على نشاطات مؤسسته من خلال وسائل الاعلام!!، وهذه قضية تحتاج الى وقفة طويلة، اما الرأس الثالث، فهو الجمهور الذي بات سلبيا ازاء كل ما هو حكومي، وصار يرى في المتحدث الرسمي، الغطاء الذي يغطي عيوب الاداء المؤسسي، وعليه فهو يستحق الرجم والجلد بلا رأفة!!،كما حدث مع احد الزملاء عندما كان داخلا الى احد مراكز التسوق مع اسرته، فتعرض لكلام سيء وبذيء من قبل الناس، هذا فضلا عما يتعرض له المتحدثون من تجاوزات في بعض البرامج التلفزيونية!!
في النهاية، ان المتحدثين والناطقين، هم بشر مثلنا، يفرحون ويحزنون، يتعبون ويغضبون، وفي الايجار يسكنون، وهم الوحيدون الذين يعملون آناء الليل واطراف النهار، وهم بحاجة الى من ينصفهم، مؤسسات واعلام وجمهور..