ضياء المحسن ||
لا يختلف إثنان على أن الشيعة هم المكون الأكبر في الدولة العراقية، لكنهم كان مضطهدين لفترات طويلة من عمر الدولة العراقية الحديثة، وذلك بسبب طبيعة السياسة التي إتبعها ساسة البلد طيلة عقود، بما وَلْد لديهم شعور بنوع من خيبة الأمل في التعبير عن وجهة نظرهم في كيفية إدارة الدولة والمشاركة فيها.
بعد عام 2003 حصل تغيير كبير فيما ذهبنا إليه مقدما، بحيث أصبح هم من يقودون دفة الحكم في بلد حباه الله بكل شيء، والأكثر من ذلك موقعه الإستراتيجي الذي يمكن أن يؤثر في القرار السياسي بما يجعله في مصاف الدول العظمى، لو أحسن من يقود البلد إستثمار هذه الميزة، وهذا ما لم يحصل؛ بل الأكثر من ذلك أخذنا نشهد تناحر وتنافر بين القوى السياسية التي تحكم البلد، ما أعطى الفرصة لمن لديه أجندات للتحكم بهذا الموقع لمد أذرعه للسيطرة بشكل أو بأخر على قرار إستخدام هذا الموقع بالكيفية التي تحقق له مآربه.
زاد مما ذهبنا إليه إنعدام الثقة بين بين قادة الكتل السياسية الشيعية، فإذا أخذنا كل ما تقدم ووضعناها بيد من يحاول دق أسفين بين هذه الكتل، سنجد أنه من السهولة بمكان أن يحقق له ما يريد، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار وجود جناحين في كل كتلة تحاول التقرب من رئيس الكتلة أو الحزب الذي تنتمي إليه، الأول جناح الحمائم، والثاني جناح الصقور، وبالتأكيد فإن الفريق الثاني يساعد في تحقيق ما يصبو إليه الآخرون.
جاءت نتائج الإنتخابات الأخيرة فرصة كبيرة لمن يريد أن يدعشن الوسط والجنوب ذي الأغلبية الشيعية، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار سخط الجمهور من تعامل الفعاليات السياسية من موضوع سوء الخدمات في هذه المناطق، خاصة وأن جميع الوزراء الذين تسنموا الحقائب الوزارية الخدمية هم من الشيعة، بالإضافة الى المبالغ التي لوتم صرفها بصورة صحيحة بعيدا عن الفساد لكان الوضع الخدمي مغايرا لما نراه اليوم، ويبدو أن الكل كان مقتنع بأن الوضع ذاهب في هذه المنطقة الحيوية من العراق لحرب داخلية تحرق معها الأخضر واليابس.
الذي حصل أن الكتل السياسبة كانت واعية لما يُرسم لها، فكان الإجتماع الأخير الذي جمع الكتل الشيعية في منزل رئيس تحالف الفتح، الأمر الذي أذاب الجليد الذي يمنع تقدم قادة هذه الكتل من التشاور مع بعضها، بما يمكن أن ينتج عنه إعادة الروح للإئتلاف الشيعي بأن يكون مفاوض قوي مع بقية الشركاء في الوطن للنهوض بالواقع الخدمي لجميع محافظات العراق، بالإضافة الى ضرورة التفكير جديابالوضع الإقتصادي الذي لم يعد يحتمل الصدمات المتتالية بسبب إعتماد الإقتصاد العراقي على مبيعات النفط، والذي يتعرض الى إنتكاسات لا يستطيع العراق أن يقاومها بسبب هشاشة إقتصاده، وعدم تفعيل القطاعات الإقتصادية الحقيقية (الصناعة، الزراعة، الصناعات التحويلية، قطاع السياحة، قطاع الخدمات)، بالإضافة الى التفكير جديا بإشراك القطاع الخاص في إدارة الكثير من القطاعات لما يملكه هذا القطاع من خبرة في إدارتها، ناهيك عما تجنيه الحكومة من هذا الأمر والذي يتمثل بسحب عدد كبير من العاطلين عن العمل، لكن هذا يحتاج الى أن يكون هناك قانون للتقاعد منصف للقطاع الخاص، وضرورة متابعة تسجيل العاملين فيه بصورة صحيحة، لأننا نعلم أن هناك من يقوم بتقييد أقاربه الذين لا يعملون بدلا من العاملين الحقيقيين.