محمود الهاشمي ||
بات مشهد صناديق الاقتراع وهي تعرض في وسائل الاعلام في هذا البلد او ذاك مدعاة للقرف والانزعاج، حيث لم تعد هذه الصناديق التي صممت لتحمل امانة صوت الشعوب قادرة على حماية نفسها من الاختراقات والتدخلات لتفرز نتائج وانظمة اشد قسوة وخطراً من الانظمة الديكتاتورية.
ان عزوف الملايين عن المشاركة في الانتخابات في عموم العالم يؤشر الى تضاؤل دور الديمقراطية وتراجعها بعد ان هيمنت على مقدراتها الارادات الدولية.
ما الفائدة من اعلان فوز شخصية سياسية وطنية في اي بلد في العالم، اذا ما هددت الولايات المتحدة انه في حال فوز خصم لها سوف تتوالى على هذا البلد سلسلة من العقوبات لتجويع الشعوب وانهاكها وجعلها بين مطرقة الاختيار وبين العقوبات المنتظرة...
المشكلة ان هذه العقوبات التي تصدر عن "الخزانة الاميركية" تلتزم بها اغلب الاطراف الدولية..خشية ان تطال شركاتها العقوبات وتقع في الافلاس بما في ذلك الشركات الصينية والروسية المعادية للولايات المتحدة !!..
اميركا تضع شخصيات ضمن مواصفات تطابق توجهاتها ثم تبدأ بالترويج لهم وفرضهم رغم انف "صناديق الاقتراع" وارادة الشعب، فما الفائدة اذاً من "جلبة الانتخابات " اذا كانت النتائج مكتوبة مسبقا...
يبدو ان تجربة الديمقراطية نوع من "الوهم" تحاول الشعوب ان تخدع نفسها بها بانها مارست حق اختيار السلطة الحاكمة.
اميركا الان تفرض عقوبات قاسية على كوبا وعلى ايران والصين وفنزويلا وروسيا ولبنان واكثر من "27" دولة في العالم وعلى الالاف من الشخصيات السياسية والمالية بالعالم لمجرد عدم الانصياع لاوامرها.
الذين انخرطوا في المشروع الاميركي ورضوا ان يضعوا جميع بيضاتهم في السلة الاميركية فقدوا هويتهم وسيادة بلدانهم فاما ان تجعلهم بلا جيوش وسلاح وتتولى الجيوش الاميركية حمايتهم وتضع لهم جيوشا قمعية لارداة الشعب او "ميتة "كما في "دول الخليج " او "العراق" و"مصر" و"الاردن" وغيرها اما الدول التي تتواجد على ارضها قواعد عسكرية اميركية فهي مسلوبة الارادة ، وتفرض عليهم مبالغ طائلة مقابل ذلك.
لم تكن بريطانيا راغبة بالانفصال عن الاتحاد الاوربي ولكن الولايات المتحدة فرضت عليها حكومة عبر "صناديق الاقتراع" لتنفصل وتعاني من الانفصال مثلما تضعف الاتحاد الاوربي.
دول اميركا اللاتينية فرضت الولايات المتحدة عليها القيادات اليمينية عبر صناديق الاقتراع حيث يدخل المال والاعلام في صناعتهم وهذا الامر يتمدد على الاتحاد الاوربي نفسه، واذا ما حاولت دولة اوربية الخروج عن "الطاعة الاميركية" تهيج عليهم اصحاب "البدلات الصفرا ء والزرق" ليحرقوا البلد حتى تذعن لهم!!.
في العراق ادخلتنا صناديق الاقتراع في ازمة وانسداد سياسي وجعلوا البلد على حافة "حرب اهلية" فقد تدخلوا في صناعة نتائج يصعب على احد الاستفادة منها في صناعة برلمان نافع ا حكوم قوية، اما الدول العربية فقد عصف بها "الربيع العربي" ليفقدوها اسسها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الان تترنح دون ادنى استقرار.
في ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها العراق لابد ان ترقى القيادات السياسية مستوى المسؤولية وان تتفهم ان المخاطر المحدقة بمستقبل الشعب قد تؤدي الى نتائج لاتحمد عقباها، ان هجرة الالاف من العراقيين وتركهم بلادهم والمغامرة بحياتهم وحياة اسرهم نتيجة طبيعية لواقع مرتبك وقلق لايعرف فيه الانسان ماذا ينتظره في الغد.
لاننتظر ان تاتي الينا الحلول في "زمبيل" من هنا او هناك، ان "المشورة" وحسن التدبير واستخدام جميع الادوات المتوفرة في البلد وخارجه كفيلة بايجاد الحل، خاصة وان شعوبا مرت باخطر من الطروف التي تحيق بنا لكنها انتصرت عليها.
حين نريد ان نعدد الجهات التي تعمل على افساد العملية السياسية في بلدنا فانها كثيرة وكلما ضعفنا كثر اعداؤنا وضيقوا مساحة الحلول علينا، ومثلما يخطط الاعداء كذلك نتاهب ونخطط لنفسد عليهم مخططاتهم.
يقول الجواهري:
"قل للشباب تحفزوا وتأهبوا..للنائبات فانها تتاهب"..
ليس من الصلاح ان يبقى ابناؤنا من المتظاهرين مرابطين عند بوابات الخضراء لانصاف حقوقهم في سرقة اصواتهم فقد يحدث تصادم لا سمح الله..مع القوات الامنية او من يختبئ بينها وفي ذا سنخسر الدماء وتكون "الفتنة" لذا فان الوصول الى حلول "توافقية" خارج "الانتخابات المزورة" قد يكون حلا (مؤقتا) ينجينا من (المهلكة)!
6/12/2021
https://telegram.me/buratha