ماهر ضياء محيي الدين ||
اغلب حديث الشارع اليوم يتناول أمران أساسيين ، الأمر الأول من هي الكتل الأكبر التي ستشكل الحكومة القادمة ؟، والأمر الثاني الخاسرون من الانتخابات ماذا سيكون مصيرهم أو ردة فعالهم في حالة عدم مشاركتهم في الحكومة المقبلة ؟ او عكس ما تقدم تتشكل حكومة توافق كما في كل مرة وتنتهي المسلسل الدرامية والمشحونة بالأحداث الدموية ، ويذهب ما نشهد في نهاية هواء في شبك .
المعروف من الجميع ان اغلب الدول التي لديها برلمان تكون هناك جبهتان او كتلتان جهة تشكل الحكومة وتسمي رئيسها وهي الاكبر او الاكثر عددا من حيث المقاعد البرلمانية والفائزة بالانتخابات ، واخرى معارضة للحكومة تعترض على تشريع القوانين وفق المصلحة العامة في اغلب الاحيان ،لكن في تجربتنا الديمقراطية الفتية ، وخلال الفترات السابقة من عمر البرلمان الكل متفق على معظم الامور ( المحاصصة والتوافق بين الكتل السياسية في ادارة الدولة ومؤسساتها وفي تشريع القوانين ) ، ولو حدث اعتراض على امر من جهة ما نسمع التصريحات النارية والخطابات الرنانة،ثم تبدا مرحلة المفاوضات والحوار علنا وما يجرى خلف الكواليس او في الغراف المظلمة من اجل مصلحتهم الحزبية والسياسية والاعلامية بالدرجة الاولى وليس من اجل مصلحة البلد واهله ، ويتم تشريع او اقرار القوانين، ولم نصل الى ثقافة المعارضة الحقيقية من اجل المصلحة العامة او تحقيق منفعة او مكسب للجميع .
حسب كل المؤشرات والتوقعات ونتائج الانتخابات النهائية فان كتلة سائرون هي الأقرب لتشكيل الكتل البرلمانية الأكبر بتحالفها مع كتل اخرى لتشكيل الحكومة المقبلة وإمامها تحديات وعقبات ستشكل عائقا كبير في تشكيل تحالفهم ولعل أبرزها التوافق مع الغير, وموقف الكتل الأخرى التي مازالت الكرة في ملعبها لتشكل تحالف الكتل الأكبر رغم المشاكل بينهم ،لكن المصالح الحزبية المشتركة وعلاقتهم مع الآخرين ستكون حاضرة وقوة ، والمفاجآت مازالت قائمة لحد يومنا هذا .
لو افترضنا جدلا قيام تحالف سائرون بتشكيل الكتل الأكبر مع الاخرين بعد الاتفاق ، وسط اعتراضات كثيرة من الآخرين ومن يقف ورائهم , لنسال هل لدينا كتل برلمانية سابقة استطاعت العمل على أنها الكتل الأكبر منذ الانتخابات الأولى إلى الأخيرة ؟، وشرعت القوانين وحققت الكثير من الانجازات المشهودة لها ، حقيقة قد لا تحتاج إلى جواب .
ولو نجح السائرون فيما فشل الآخرون في تشكيل تحالفهم الأكبر ، لنعود إلى تساؤلنا كيف ستكون ردة الفعل من الكل الخاسرون من الانتخابات وجهات أخرى معلومة من الجميع ، اعتقد سنشهد معركة محتدمة قد تحرق الأخضر واليابس سواء كان عن طريق إعاقة تشريع القوانين ولعبة التأجيل الجلسات وكسر النصاب والتأخير في أقرراها ، ولا ننسى لغة التهديد والوعيد والضرب من تحت الطاولة والمساواة لتكون قبة البرلمان ساحة للتصفية الحسابات وإقصاء الغير من اجل فشل مشاريعهم ، ليكون الوضع معقد للغاية وقوة السلاح لن تغيب عن هذا المشهد.
تجاربنا مع شعارات الأغلبية السياسية وإنهاء المحصصة الطائفية وحكومة تكنوقراط كانت ومازالت تعيش في نطاق الوعود والشعارات لكسب ود الشارع وقد فشلوا الكثيرين في تطبيقها، لتكون عليهم دليل إدانة وتسقيط واعتقد نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة خير دليل ، لذا من يسعى إلى تنفيذها ويعطي الوعود إن يتعلم من أخطاء السابقون وإلا سيكون نصيب الأكبر من الإقصاء والتقسيط .
بين الكتل الأكبر والأصغر ودائرة الصراعات القائمة على المناصب والحصول على المكاسب السياسية والاجتماعية ، وسيبقى أغلبيتهم يتمتعون بامتيازاتهم ومخصصاتهم العالية ، ومشاريع الإصلاح والتغيير سيكون مصيرها كسابقتها لن ترى النور ، ومن يظل يدفع ضريبة هذه الحرب المدمرة ، لا يحتاج إلى تعريف لأنه الخاسر الأكبر في كل الأوقات .