قاسم الغراوي *||
الغالبية يعرف تاريخ الصحافة و بداية نشاتها خصوصا العاملين فيها والمراحل التي مرت بها ومدى تاثيرها تاريخيآ.
واذا كانت الصحيفة تشترك مع باقي وسائل الاتصال الجماهيري في كثير من الوظائف والاهداف فانها ظلت متميزة بقدرتها على التوثيق ، حتى غدت ذاكرة حية تختزن جزءا مهما من التجربة الانسانية على مدى قرون منذ تطوير يوهان جونتبرج الة الطباعة في عام 1447 م
ان الانترنيت كوسيلة اتصال حديثة ساعدت على خلق بيئة اعلامية ذات خصائص مختلفة تغيرت من خلالها الادوار التقليدية للمرسل او المستقبل ، وبذلك جاءت الصحافة الالكترونية لتكون وسيلة اتصال جماهيرية تضاف الى سابقاتها من الوسائل الاخرى وهي تؤدي دورا مهما في كافة جوانب الحياة.
ان التطور في الصحافة الالكترونية وفي مختلف وسائل الاتصال والتفاعل بينها اوجد واقعا اعلاميا غير مسبوق اصطلح على تعريفه بالاعلام الجديد او الاعلام الالكتروني ، وهو قوالب اعلامية جديدة ومبتكرة وما يهمنا هو : هل باتت مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك ....الخ مصادر اعلامية تنافس وتتفوق على الوكالات التقليدية ؟
ان ابرز خصائص التقنيات الالكترونية الحديثة هي وفرة المعلومات ، وكثافتها ، وتدفقها بسهولة
وبسرعة فائقة ، فضلا عن التنوع في استخدام تلك المعلومات والتحكم في مسارها وتوجهاتها .
مما منحها ميزة الانتقال للمستقبل بشكل عاجل
كما إن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى أحد أهم مصادر المعلومات الأولية لوسائل الإعلام ، فالعديد من المؤسسات الإعلامية والصحفيين يتتبعون هذه المواقع وما ينشر فيها من معلومات وأفكار ، ربما تقودهم إلى خبر أو قصة مهمة .
مثلا في إيران، عندما صار (تويتر) الوسيلة الوحيدة التي يطلع من خلالها العالم على ما يجري داخل إيران آنذاك فيما يطلق عليه بالثورة الخضراء.
كما ان بروز ظاهرة المواطن الصحفي الذي لعب دورا مهما في توثيق الاحداث بالصورة والصوت خصوصا في الاحداث التي عصفت بالبلدان العربية والتي اعتمدت عليها القنوات الفضائية وشجعت عليها .
وأخذت صفحات في (فيس بوك) و(تويتر) دور الوكالات الإخبارية، إذ تنشر الكثير من الأخبار التي تتحول لاحقاً إلى قصص إخبارية لهذه الوكالة أو تلك. وامست مواقع التواصل الاجتماعي تواصل لعب دور المصدر والدليل والمراقب .
إن تلك المواقع أثرت على وسائل الإعلام بشكل كبير، فهي تقدم عددا كبيرا من الأفكار يوميا لتشكيل مواد إعلامية بما توفره من معلومات وأخبار منفردة ومواقف وآراء وحالات إنسانية وسياسية وأمنية، ومنحت منفذا تواصليا إضافياً.
يتفق ناشطون في "السوشال ميديا"، ومدونون إن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح قدراً أكبر من حرية التعبير، نظراً لقيود مختلفة ومتباينة في المؤسسات الإعلامية الرسمية أو الخاصة لكنها قد تبتعد احيانآ عن الدقة المصداقية والموضوعية والصحة التي تتمتع بها الصحافة التقليدية .
ان الخوف من الرأي العام، و(فوبيا) الإعلام الشعبي (الفيسبوك) باتت تشكل خطرا كبيرا يمس المهنة الصحافية في العراق ، لعدم التزامها بالقيم المهنية والخبرية بالرغم من ان العلاقة بين التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تشاركية، حيث يعززان بعضهما البعض، لكن (الفيس بوك) بات نافذة أوسع للوسائل الإعلامية .
نحن اليوم في عصر الابتكار ، والفكرة المبتكرة تسوّق لنفسها في الإعلامين التقليدي والرقمي بلا استثناء.
الحل لتحقيق النجاح وليس فقط الصمود في الإعلام بنسختيه، هو الاستمرار في التأقلم مع التطورات، وعدم الخوف من تجربة ما هو جديد، والأهم هو محاولة استقراء ما سيأتي مستقبلاً.
*كاتب / محلل سياسي