نعيم الهاشمي الخفاجي ||
في مجتمعاتنا الشرقية توجد لدينا أقوام وجهات وفئات بشرية تعيش في العصور الحجرية رغم وجود وسائل الاتصالات الحديثة ووجود الإنترنت لكن الأدمغة قافلة ترفض التحرر من القيود البدوية المتخلفة بشكل خاص، الفلسفة كلمة مشتقة من اللغة اليونانية وأصلها فيلاصوفيا، وتعني محبة الحكمة، أما معناها الاصطلاحي فقد تفرّق العلماء فيه، حيث عرّفها أرسطو بأنها العلم النظري بالأسباب الأولى والمبادئ، في حين أنّ ابن رشد عرّفها بأنها النظر في الموجودات، والاستدلال بها على الصانع، تلعب البيئة المجتمعية دورا كبيرا في الوضع المعرفي، إن كانت البيئة جاهلة فهي ترفض العلم والمعرفة، وإذا كانت البيئة متعلمة وتقبل أن تعيش مع كل الأديان والثقافات أكيد ينعكس ذلك ايجابيا على الوضع المعرفي والتعامل الإنساني والتصالحي، تدريس الفلسفة في بيئة بدوية غير مجدي نفعا، يحتاج اولا تنقية البيئة من أفكار وعقاىد التكفير والكراهية اولا وبعدها يمكن تدريس الفلسفات، مانراه بدول الرجعية العربية أصبحت الفلسفة حفظ مصطلحات فلسفية وخاصة من قبل الساسة والخطباء يحفظون مصطلحات ويقومون بترديدها بل وجدت أحدهم كاتب رسالة ماجستير يثبت أن المتخلف مؤسس وناشر الكراهية والتكفير ابن تيمية إنه فيلسوف؟؟.
شيء ممتاز قراءة سيرة الفلاسفة الكبار، لكن قبل قراءة كتب الفلسفة يجب قراءة كتب علماء الاجتماع لدراسة المجتمع والظواهر التي رصدها عالم الاجتماع ووضع لها حلول، الفلسفة تقوم على البرهان العقلي في قراءة الأشياء بعيدا عن العاطفة أو التأثير الأيديولوجي الحزبي أو الديني أو المذهبي، الفيلسوف لا ينظر إلى الأحداث حسب ظواهرها التي تبدو على السطح كما يراها جميع الناس، وإنما يتعمّق لمحاولة الكشف عن بواطنها، عن طريق معرفة نشأتها وجذورها.
السعودية سمحت في تدريس الفلسفة لكن كيف يمكن تدريس الفلسفة بظل وجود الفكر الوهابي البدوي المتخلف الذي لا يؤمن بالعقل والدليل العلمي والعقلي ويؤمن بالخرافات والأكاذيب أوجدت تصورات مبنية على أوهام لتكفير الشيعة والسنة المتصوفة وبقية الديانات الغير إسلامية، القضية ليست قراءة تاريخ الفلسفة اليونانية وإنما هل بيئة المجتمع البدوي الوهابي النجدي لديه ثقافة العيش مع الطرف الآخر الإسلامي والغير إسلامي الذي يختلف معه مذهبيا أو دينيا، لا يمكن مقارنة بيئة بداوة نجد مع البيئة المجتمعية إلى المجتمعات الغربية اليونانية التي أنتجت : سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وغيرهم، ومرورا بفلاسفة عصر التنوير إلى الفلاسفة في العصر الحديث، الفلاسفة لعبوا دورًا كبيرًا في يقظة الشعوب من أشكال الجهل والخرافات والشعوذة المختلفة، البيئة الشيعية الإسلامية كانت ولازالت أرض خصبة للتعايش السلمي ونشوف الفلاسفة ابتداء من عصر أخوان الصفا ومرورا إلى الفيلسوف مطهري وشريعتي والسيد محمد باقر الصدر وسبيط النيلي….الخ.
أهمية الفلسفة للفرد أو للمجتمع فهي تنمّي القدرات والمهارات عند المتعلم. تقوّي السلوك العقلاني المنظم في الحياة النفسية، والاجتماعية، والفكرية، والدراسية للمتعلم، وتعززه. تعزز وتنمّي القدرة على مواجهة المشاكل، وإيجاد الحلول تزيد القدرة على الفهم.
لذلك لا يوجد ربط قوي بين قراءة الفلسفة وتدريسها في مجتمع بدوي جاهل وحصول التسامح أبدا.
المستكتبين في صحف الرجعية العربية يتغنَّون في أمنيات جوفاء ويعم التسامح بمجرد تدريس الفلسفة، الفلسفة كانت موجودة بالجاهلية وتسمى في الغنوصية وكان ابو سفيان غنوصي لذلك لم يستفد من غنوصيته سوى محاربة رسول الله محمد ص وشريعة الاسلام، وكذلك الحال احفاده من الوهابية يدرسون الفلسفة للدفاع عن التكفير والكراهية،
الارض كانت ولازالت خصبة لدى الشيعة والمعتزلة، ورغم تبني الشيعة والمعتزلة الاعتدال وقبول الآخر فكان نصيب الشيعة والمعتزلة القتل والذبح والابادة من قبل الأنظمة السنية المتطرفة، كل الحركات اليمنية واليسارية الأوروبية لديهم مدارس فكرية وفلاسفة.
الشهيد محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الإسلامية العراقي الف كتاب فلسفتنا واقتصادنا ولعب دورا مهم في تنمية أفكار ملايين القراء من الناس عرب ومسلمين وأعاجم واوربيون…..الخ.
حتى ولو تم تقديم بعض الأشخاص من نجد على أنهم فلاسفة وحتى لو يتم دعمهم إعلاميا وماديا لكن اذا تابعت كلامهم يبقون أسرى للبيئة الفاشلة التي ترعرعوا بها في طريقة احاديثهم في أتباع أسلوب الاقصاء، دراسة الفلسفة في دول ترعى وتتبنى الفكر الوهابي البدوي وحتى لو تخرجوا في أقسام فلسفية بجامعة ابن سعود أو أم القرى لم يستفادوا من دراستهم الفلسفة شيئاً، لأنهم لايملكون القدرة على تجاوز النزعات الضيقة ونقد الموروث ينظرون لكل من هم يعتبروه صحابي منزه وإن قتل واجرم وانتهك حرمة الاسلام،
أجزم وكلي ثقة إنَّ تدريس الفلسفة في الجامعات الوهابية لم يتغيّر من تفكير قطعان الوهابية في تكفير وقتل البشرية وفق تصورات خاطئة مبنية على ظنون وشكوك لا اصل لها من الصحة، تدريس الفلسفة لطلاب الدين الوهابي يجعلهم يزدادون شدة وشراسة وتغلغل بالمجتمعات.
إذن فإنَّ الاصلاح والانفتاح لايتم من خلال تدريس الفلسفة وأحياء الحفلات الماجنة الهابطة ونشر الرذيلة وإنما يتم من خلال حذف فتاوى التكفير والكراهية وإتباع أسلوب التفكير العلمي وحذف فتاوى الكراهية لذلك تدريس الفلسفة بدون إصلاح الفكر الاعتقادي ليس حتمية للعدالة ونبذ التطرف والعنف.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
25/12/2021
https://telegram.me/buratha