محمود الهاشمي ||
ان تعليق الصور والجداريات والنصب والتماثيل لرموز الامة واحدة من الواجبات الوطنية والدينية والاخلاقية،لانها دليل احترام الامة لهذه الرموز والتذكير بمواقفهم سواء ان كانوا قادة سياسيين او عسكريين او ابطال تحرير او منظرين وفلاسفة وعلماء ومخترعين .
ان اغلب ساحات وحدائق وشوارع الدول تزينها مثل هذه التذكاريات،والهدف من ذلك تعظيم هؤلاء الشخصيات كجزء من العرفان لانجازاتهم
وكذلك ليكونوا (الشخصية النموذج ) لدى الاجيال المقبلة .
مالفت نظري بالامس ان رئيس اعلى سلطة بالعراق يأمر برفع صورة (الشهيد ابي مهدي المهندس )! والسؤال ؛-ما "الجدلية "في شخصية الشهيد المهندس كي ترفع من على سطح احد الجدران في شوارع بغداد في ذكرى استشهاده ؟
الشهيد ابو مهدي المهندس شخصية عراقية عربية من سكنة اهالي البصرة ومن قبيلة بني تميم وحاصل على شهادة (الهندسة ).
جاهد ضد النظام البائد وحكم عليه بالاعدام غيابيا،وقاتل قوات الاحتلال بعد سقوط النظام البائد،وفاز بالانتخابات واصبح نائبا بالبرلمان فادى رسالته السياسية والجهادية،وحين تعرض البلد الى خطر الارهاب واحتل الدواعش
الاشرار ثلث الاراضي العراقية وباتت اصواتهم تقارب العاصمة بغداد وهم يرددون (قادمون يابغداد )ارتدى بزة الجهاد مستجيبا لفتوى المرجعية الرشيدة،وقاد افواج المجاهدين من ابناء الحشد الشعبي ليبدأ رحلة التحرير من جرف الصخر الى اخر نقطة عند الحدود السورية العراقية في ربيعة،يقاتل في الخطوط الاولى ويلتحف الرمل وتراب السواتر ويأكل على سفرة المقاتلين،ويتلمس جروح والام اهالي المناطق المحررة حتى كتب الله على يده النصر،فيما ازعج ذلك المحتل الاميركي الذي خسر المليارات من اجل صناعة وتعبئة الارهابيين،فتم الغدر به وبرفيق دربه الحاج قاسم سليماني ليسيح دمه الطاهر على التربة التي حماها وصان كرامة شعبها .
وفقا لذلك من المفروض ان لاتكون هناك "جدلية" على مثل هؤلاء المجاهدين الابطال
خاصة وانه بعد استشهاده ليس هنالك من نال من شخصيته في كل مراحل حياته،بما في ذلك من اعدائه،فلم يترك مالا خلفه ولاتركة لخطأ ارتكبه،وكان في كل ذلك عنوانا للنزاهة والزهد والبطولة وحسن السيرة ودماثة الخلق .
كان الاستغراب لدي كبيرا ليلة امس وانا ارى الشباب يتناخون للدفاع عن صورة هذا المجاهد ويذودون عنها بارواحهم لما فيها من رمزية في نفوسهم،حتى ان احد الضباط الذين كانوا على مقربة من الصورة قال للشباب المندفعين (والله نقطع اليد التي ترفع الصورة ) على الرغم من علمه ان قرارا بانزالها قد صدر برفعها من قبل (الكاظمي )!
لقد تعبت الولايات المتحدة من قبل ومن بعد في ان تمحو صورة (جيفارا) من نفوس
الشعوب لكن وكما يقول رئيس وزراء البرازيل (اليميني):-تفاجأنا ان جميع جمهور الملاعب وخاصة الشباب منهم يرتدون قمصانا عليها صورة كبيرة ل(جيفارا) في ذكرى اغتياله !
وربما اللوحة المعبرة الاكبر حين رفع الشعب الفنزويلي صور الشهيدين الحاج قاسم والحاج ابو مهدي الى جوار صورة بطل التحرير (بوليفار )!
لاشك ان الاعلام يلعب دورا كبيرا في التأثير على الرأي العام،وإلا ما الذي جعل اهل الشام يسألون حين ورد خبر استشهاد الامام علي ع اثناء الصلاة (أويصلي؟) وروي عن عمر بن عبد العزيز انه سئل عن سبب امره برفع الشتيمة عن علي ع في الاذان فقال (كنت غلاما اجلس عند جدار المنزل فارتفع الاذان وشتم المؤذن عليا وكان على مقربة مني شيخ اعمى آذته (الشتيمة )لعلي فراح يتمتم ويذكر مناقبه وحين سألته واطمأن لي روى لي مالم اسمعه عن علي ع فاقسمت ان صار لي الملك لارفعن الشتيمة اجرا وثوابا واجلالا لشخصه .
هذا يعني ان (الاعلام المضاد ) استطاع ان يؤثر في المجتمع وان يغير من صور الابطال والمحاهدين والثوار،وإلا كيف رفض اهل الناصرية مرور موكب التشييع للحاج ابي مهدي في المحافظة ؟
كنا نتوقع ان (السلطة ) اصبحت بايدينا وقادرين على انزال الابطال الشهداء في منازلهم ولكن خسرنا "السلطة " فبات من أمرناه ب(ايدينا )يسيء الى رموزنا الوطنية والدينية،ولا عجب في ذلك مادام الرجل معلوم الهدف والهوية !
ليس المهم الحفاظ على هذه الصورة او تلك الجدارية،بل المهم ان نعيد انتاج انفسنا من جديد فلسنا (معارضة )كي نصطرع مع (السلطة )،انما اهل حق وتضحيات وبايدينا صولجان الامر والنهي،ومن خلفنا امة حية،
ومن يريد ان يتحاوز على حقوقنا نقول له كما قال الشاعر عمرو ابن كلثوم ؛-
(الا لايجهلن احدٌ علينا ..فنجهلُ فوق جهل الجاهلينا ) ..لاتتركوا حبال سفنكم بايدي (الخصوم والجهال) لانهم سيغرقوننا ويغرقون معنا .
ــــــــ
https://telegram.me/buratha