حمزة مصطفى ||
أسقط العصرالرقمي صفة العاشق عن "حمد" بعد مايقرب من نصف قرن متنقلا بين الأغاني والأفلام ملهما أهم الشعراء وأعذب المطربين. فبين رائحة الهيل التي تفوح من مضيف حمد أثناء مرور "الريل" قادما من الناصرية الى بغداد في ستينات القرن الماضي وبين "هاشتاك" حمد على تريند مسافة زمنية تزيد على النصف قرن حصلت خلالها تحولات هائلة على كل الصعد وطالت كل شئ. ومع أن "حمد" ليس من الأسماء المتداولة كثيرا في العراق بعكس دول الخليج العربي فإنه حظي في العراق دون بلدان الخليج بأكبر إهتمام على مستوى الشعر والغناء.
ياس خضر أدى بعذوبة بالغة قصيدة مظفر النواب "الريل وحمد" بينما بطلة القصيدة إمرأة, في حين تغنت مائدة نزهت ليس بحمد وحده بل بحمد وحمود وحميد معا. وللأفلام حصة من "حمد" حين مثل الفنان حسين نعمة دور البطولة في فيلم "حمد وحمود". ومرة ثانية يقع كل من حمد وحمود ضحية الحب حين يعشق كلا الأخوين حمد وحمود فتاة واحدة. وتدخل في سياق العلاقة بين حمد وحمود قصص وحكايات يختزل بعضها البيت الشهير "حمد شابع فشك وحمود شابع صيت" وهي التي تروى كناية عن واحد شجاع يقاوم قطيع من الذئاب بينما الآخر يختبئ جبنا لكنه ينال الشهرة مثلما يحصل في الكثير من مثل هذه الحالات والمواقف.
ومع إننا جميعا تركنا حمد وحمود وحميد مع ياس خضر ومائدة نزهت وحسين نعمة كون الزمن تغير كثيرا والأغاني حملت مسميات أخرى وحكايات أخرى وصولا الى الأغاني الحديثة التي تعكس جوا إجتماعيا ومجتمعيا آخر بعيدا عن لوعات العاشقين وممثلهم الأعلى حمد, لكن أن يعود حمد الى الواجهة من جديد فهو المفاجأة التي لم تكن متوقعة. فحمد اليوم ليس حمد أمس حتى وإن حمل نفس الإسم لكنه لايحمل نفس الدلالة والهموم والأحزان ومابينهما من كمية حرمان عاطفي تجسدها إمرأة عاشقة تحمل لوعتها بصمت يصوغ مشاعرها وأحاسيسها شاعر مرهف الحس والوجدان. حمد اليوم تعبير عن هموم أخرى وأجندات مختلفة وزوايا نظر تحاول كل واحدة منها هجاء حمد آخر والدفاع عن حمد آخر. وبين الحمدين ضاع حمد الأصلي الذي لايزال عبق رائحة قهوته يملأ المكان حيث لم يعد سوى صدى صوت يردد من بعيد " هودر هواكم ولك حدر السنابل كطة".