الشيخ محمد الربيعي ||
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
المحنة السياسية لها جانب ذاتي ، و جانب موضوعي ، و بطبيعة الحال الجانب الذاتي المتعلق بذات الانسان ، و الجانب الموضوعي هو مجموعة الملابسات الخارجية التي ادت الى تكوين هذه المحنة .
الجانب الذاتي في المحنة السياسية باعتبارة يمثل دور الانسان الممتحن و الموقف من المحنة قبل و قوعها و بعد الوقوع ، اذن الجانب الذاتي له موقفين ، جانب موقف الانسان الممتحن في محتواه الشعوري و الادائي ، وجانب موقف دوره الايجابي في تكوين هذه المحنة قبل وقوعها الذي ساهم بقصد او غير قصد في تكوين المحنة التي يواجهها .
ولهذا لابد للممتحنين السياسيين والامة كلهم ، ان يعيشوا المحنة من جانب هي تزكية لانفسهم وتغيير احوالهم ، و الالتفات الى تقصيرهم .
ان التقصيرات السياسية عندما تتجمع على مر السنين تكون حارقة الى الاخضر و اليابس ، فمثلا نشاهد الخروقات السياسية و عدم توافق الامة بعد وفاة الرسول الخاتم محمد ( ص ) ، و عدم الامتثال الى القيادة الحقة من الجانب الالهي ، و الجانب المجتمعي الواقعي ، ادت تلك الخروقات السياسية بمجموعها الى فتنة كبرى الى محنة سياسية اسلامية كبرى وهي استشهاد الامام الحسين بن علي ( ع ) .
محل الشاهد :
حتى تكون في المحنة السياسية قريبا من الله ، و فرجها و حلولها ، يجب ان نتجاوب مع المحنة السياسية بمراجعة النفس و تنظيف المشاعر اتجاه المحنة بشعورنا بالمصالح العامة ، قبل المصالح الخاصة ، فعندما نريد ان نشرع في بدأ الصحيح و الحقيقي لتغيير الصحيح لتخلص من المحنة السياسية ، لابد ان ننظف مشاعرنا بالصورة الصحيحة اتجاه التعامل مع محنة السياسية ، علما ان شعورنا اتجاه المحن على مستويات مختلفة ، و كلا منا له شعوره الخاص اتجاه المحنة ما ، فمنهم من له شعور خاص و نقصد بالشعور هو مستوى التفكير و التحركة و ردت الفعل ، و منهم من له شعور عامة .
فمثلا عندما يقع خلاف سياسي بين الدول الاسلامية ، او بين ابناء الشعب الواحد ، فمنهم من يشعر اتجاه هذه المحنة السياسية ، ذلك شعوره الخاص و منهم من يشعر اتجاه هذه المحنة السياسية ضمن شعورة العامة و تفكيرة العام و هو شعور السعي بخطوات حثيثة و خطوات حقيقية وواسعة لعودت الصفاء بين المسلمين و بين المؤمنين .
ان سبب المحنة السياسية على مر التاريخ و اليوم هو الابتعاد عن الله تبارك و تعالى من خلال الابتعاد عن الارادة الالهية بمخالفة توجيهات و تعليمات الاسلام فيما بين السياسيين سواء بالجانب الفقهي و الجانب الاخلاقي بطبيعة العلاقة و تعاطي الحوارات و الاتفاقات و التصطفافات و غير ذلك .
اذن التعامل بملف المحنة السياسية ، له مستويات عدة ، ولايفكر شخص اننا يمر علينا يوما لم نكون فيه في محنة ، فمحنة الامة بدأت منذ اليوم الذي استشهد فيه الرسول الخاتم محمد ( ص ) ولم تمتثل الامة للوضع الطبيعي الالهي الذي قرر للقيادة بعد الخاتم محمد ( ص ) ، فهناك من يعيش مثلا المحنة السياسية من خلال تصورة هي حال امنية خاص به فيغير مكانه هو ، او يتجنب موقفا معين يكون قد اختاره و ماشابه ، فهذا يعيش المحنة السياسية ضمن الاطار المحدود الضيق ، فهو فهم المحنة السياسية حلولها ضمن مصلحة جهته ، مجموعته فقط.
فاكيدا من يعيش المحنة السياسية ضمن الاطار المحدود ، اكيدا يفكر بحلول شخصية ، بحلول فردية في التعايش مع المحنة ، دون النظر الى التفكير الواسع الشمولي لتخلص من تلك المحنة.
فمن يفكر ويشعر المحنة السياسية بصورة العامة الواسعة الشاملة الى الامة ككل اكيدا هذا الشخص بشعوره سيكون مستطيع ان يضحي بالغالي و النفيس من ذاته ، لينفع امته ، بل الحقيقة تقال سيكون مضحي بنفس من اجل امته .
ولذلك عبر عن المحنة بلسان ال محمد ( صلوات الله عليهم ) بما معناه ( ان من الفتنة ما يشيب منها الوليد ) .
اذن حتى ننتهي من المحنة السياسية ، يجب ان لا نعيشها ضمن الاطار الشخصي و مراعاة مصالحي الشخصية ، بل نعيشها مشكلة كيان و تاريخ و امة كاملة ، مشكلة ضمن تأثير على المصالح العامة ، وقلنا عندما نعيش المحنة السياسية بصورة عامة ، عندها اكيدا سيختلف تفكيرنا و مستوى عطائنا .
فمن هنا يجب على المسلم المؤمن ان يتمسك بكافة تعاليم الاسلام الحقيقي ايام المحن السياسية ، مهما كانت النتائج و مهما كانت صعوبة تلك المحنة ، ليكون هو المنتصر على المستوى الالهي ، و الواقعي ، و من هنا كان لزام على الكل ان يعيش المحنة ، على انها مؤثر عامة يحتاج من الجميع تكاتف و التوحيد في مواجهتها و حلها .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و اهله
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha