الشيخ محمد الربيعي ||
[ اعظم الله اجر الامة الاسلامية بذكرى شهادة الامام علي الهادي ( عليه السلام ) .
اليوم سنتعرف من مدرسة ذلك الامام العظيم علي الهادي ( ع ) ، ان من شروط نجاح القيادة للامة ان تكون شخصية استثنائي في التقدير ..
محل الشاهد :
عندما نقرأ تاريخ الإمام الهادي ( ع ) ، فإنَّنا نستوحي منه أنّه كان محلّ احترام الناس و تقديرهم في الحرمين ( مكّة و المدينة ) ، ومن الطبيعي أن يكون هذا التّقدير و هذا الاحترام بمستوى استثنائيّ ، إذ لا بدَّ من أن يكون ناشئاً من خلال القيادة الفكريّة و الروحيّة و الحركيّة الّتي كانت تدخل إلى كلّ عقل و إلى كلّ قلب ، لأنه ليس من الطبيعيّ أن يأخذ إنسان هذا المستوى من الإكبار و التّعظيم بدون أن يترك تأثيره الكبير في عقول الناس و قلوبهم و حياتهم ، مع ملاحظة أنَّ الناس في الحرمين لم يكونوا على رأيٍ واحدٍ في المذهبيَّة ، بل كانوا يختلفون ، فلم يعهد أنَّ النّاس في مكّة و المدينة آنذاك كانوا إماميّين يتشيَّعون لأهل البيت ، بل كانوا مختلفين في آرائهم المذهبيَّة ، و مع ذلك ، نجدهم يلتقون على احترام شخصيّة الإمام الهادي ( ع ) .
فمن أين نعرف هذا النّوع من الشعبيَّة الواسعة؟
كما هو التّعبير السّائد في هذه الأيام إنّنا نعرف ذلك من خلال رسالة بعث بها أحد المسؤولين في المدينة إلى الخليفة العباسي ( المتوكِّل ) ، ثم من خلال ردود الفعل الّتي حدثت عندما أريد للإمام أن ينتقل من المدينة إلى بغداد أو إلى سامرّاء .
ففيما رواه ( المسعودي ) قال: "إنَّ بريحة العباسي ، صاحب الصّلاة بالحرمين ، كتب إلى المتوكّل : إن كان لك بالحرمين حاجة ، فأخرج عليّ بن محمّد منهما ، فإنّه قد دعا إلى نفسه ، و اتّبعه خلقٌ كثير ، و تابع إليه ، ثم كتب إليه بهذا المعنى . فوجّه المتوكّل بيحيى بن هرثمة ، و كتب معه إلى أبي الحسن كتاباً جميلاً يعرِّفه أنّه قد اشتاقه و سأله القدوم عليه ، و أمر يحيى بالسّير معه كما يحبّ ، و كتب إلى بريحة يعرِّفه ذلك".
من هذا نعرف أنّ بريحة من بني العباس ، و هو من عائلة الخلافة ، و هو يكتب إلى المتوكِّل أنّ الحرمين كادا أن يكونا تحت إمرة الإمام الهادي ( ع ) ، و نحن نعرف أنَّ الإمام الهادي ( ع ) لم يكن في موقع الدّعوة إلى الثّورة ضدّ الخلافة العباسيّة ، لأنّ الظروف الموجودة آنذاك لم تكن تسمح بمثل هذا العمل ، و لكنّ هذا الرّجل عندما رأى أنَّ الناس تلتفّ حول الإمام التفافاً يوحي أن الناس يرون فيه ذلك ، و يعتقدون أنه الشَّخص المفضَّل في إدارة أمور الناس ، أرسل هذه الرسالة ليشعر مركز السلطة بالخطر الّذي تحسّسه ، مما دعاه إلى متابعة الكتابة إلى المتوكل .
من كل ماذكر اذن نحن بحاجة الى قيادة استثنائية في تقديرها ومحبتها من الجميع ، هذه القيادة يكون فعلها و قولها مطابقا ، وتكون ملتزمة بالضوابط التي ارادها الله تبارك وتعالى لتكون مقبولة من الجميع بما فيهم الاديان الاخرى .
نسال الله حفظ الاسلام و اهله
نسأل الله حفظ العراق و اهله