الشيخ الدكتور عبدالرضا البهادلي ||
▪️الانسان بطبيعته عندما تضيق عليه الدنيا ، او يتعرض الى فقر او ظلم او بلاء ، ينزع الى الله تعالى ويرجع اليه بفطرته ، وقد يعد الله تعالى اثناء ما نزل عليه بأشياء كثيرة اذ هو خرج من هذه المحنة التي هو فيها ، ولكن وعندما ينقله الله من حالة الضيق التي هو عليها الى حالة الرفاه رجع الى ما كان عليه من البغي والذنوب والمعاصي والشرك والظلم ، وهذا بخلاف الانبياء والاولياء والصالحين فهم لا يعيشون هذه الازدواجية ، لانهم يعيشون الخشية والمراقبة الدائمة مع الله تعالى ولسان حالهم ( لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ) ( ). وكذلك ( الهي عظم الذنب من عبدك فاليحسن العفو من عندك ) ( ) وكذلك (من اين لي النجاة ولا تستطاع الا بك ) ( ) وهكذا مما ورد عنهم عليهم السلام في عندما يكونون في محضر الله تعالى ، فما يصدر منهم عليهم السلام ليس تمثيلا او تعلميا للغير وانما هو واقع حالهم مع الله تعالى ، وان كان ما يقولونه عليهم السلام من الاعتراف في محضر الله تعالى ليس كما يقول الانسان الطبيعي انما من باب وجودك ذنب لا يقاس به ذنب او من باب حسنت الابرار سيئات المقربين وهكذا.
▪️وقد اشارت ايات كثيرة في القرآن الكريم الى هذه الحقيقة ، وهو أن الناس عندما يتعرضون إلى البلاء سوف يشكرون الله تعالى ويرجعون إليه ويتوبون اليه ومنها هذه الايات .
١. قال تعالى : " قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ "( ).
٢. قال الله: "وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ " ( ).
٣َ. قال الله: " وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ "( ).
٤. وقال تعالى : "هُوَ ٱلَّذِى يُسَيِّرُكُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ، فَلَمَّا أَنجَىٰهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يَٰا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم مَّتَٰعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "( ).
▪️وهذا يدل على التركيبة المعقدة للانسان فهو يعيش بين فطرته التي يرجع اليها في حالة الضيق والبلاء والمحنة ، وبين نفسه الامارة بالسوء عندما يكون في حالة الرخاء والرفاه والنعمة .
▪️وفي الحقيقة لا سبيل للانسان اذا اراد ان يعيش الفطرة والرجوع الى الله والكون معه والخشية منه الا احياء العقل واماتة النفس ، واجبار النفس وقهرها على الالتزام بطاعة الله تعالى والعمل باحكامه والسير والاقتداء بمنهج الانبياء عليهم السلام والا فالندامة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم .