الشيخ خير الدين الهادي الشبكي ||
تفاءلت الآمال واستبشرت بعد صحوة الضمير الانساني في مختلف المجتمعات العربية والاسلامية والصديقة تجاه قضية الطفل (ريان المغربي) الذي كان ضحية ذلك البئر المشؤوم المحفور بقصد تقديم الخدمة فمال ليصبح مسرحاً للجريمة التي استهدفت براءة الطفل فتحرك الضمير القابع بين رماد الايام وكشف عن ذلك التعاطف الذي زيَّنه الاعلام وتوحد عليه الامم ليعلن عن الفطرة السليمة التي ينبغي ان يكون حاضرا في مثل هذه المحن والابتلاءات.
أن مأساة الطفل المغربي رحمه الله تعالى وجعله من طيور الجنة فضح ازدواجية النفوس البشرية تجاه القضايا الابتلائية لا سيما التي تتعلق بالأطفال وبراءتهم, فالطفل طفل سواء في المغرب أم في غيره, والدماء لا ألوان لها في حقيقتها ولكن الناس ينظرون إليها وكأن بعضها أحمر وبعضها أبيض لا يؤثر إراقتها على النفوس ولا تثير صحوة الضمير؛ بل ينظر الكثير من الناس إلى مصارع الاطفال بتلذذ كما في تصاعد نشوة الانتصار عند اطلاق الصواريخ العربية على أطفال اليمن وهم يتمزقون إلى أشلاء مقطعة من دون أن يتزلزل عروش الضمائر البنفسجية التي تتربع على أركان القرار الهمجي الانتقامي.
إن دماء أطفال اليمن ليست بأقل حمرة من باقي الدماء التي يتراقص لها الاعلام ويتغنى بحقوقها المنظمات الدولية التي تدَّعي الحيادية السمراء بعد أن أخذت تنظر بعين واحدة فلا ترى غير ما تحب أن ترى ولا تسمع إلا الأصوات التي تناسب سمعها وذوقها الرمادي, فاختلط على السفهاء المواقف فتصورا فعلا أن هناك من يبكي من أجل الانسانية حينما اشتدت الساعات على ريان المكسور.
ومن هنا أشبعت النفوس عبر قناة اللاوعي بكثير من التجاذبات التي تعكس الالوان البيضاء الخضراء وتضمر السواد والحمراء؛ لينخدع صوت البراءة ويختلط الامر على العامّة بعد أن قدَّم الاعلام نموذجاً حياً عن الاكثرية التي كانت ولا تزال تتظاهر بالإنسانية وهي منها براء بعد أن رضيت بأن تنظر إلى الدماء من زوايا مختلفة فتشابه الامر عليهم فتصورا أن دماء أبناء اليمن بيضاء لا قيمة لها ودماء غيرهم حمراء تفور فتهيج الضمائر لتتحرر والاعلام لتتزين والاقلام لتوثق ويجتمع كل ذلك ليعترفوا أن أبناء المجتمع لا يزالوا يعانون من أمراض النفاق فكان نصيبهم العور والحوَلُ.
https://telegram.me/buratha