حمزة مصطفى ||
الحدث ليس عراقيا, والمحللون ليسوا عراقيين, والفضائيات ليست عراقية. الحدث منذ أكثر من شهرين على الأقل أوكرانيا. والمحللون أكاديميون وخبراء عسكريون وسياسيون بعناوين براقة (مراكز أبحاث, رؤساء مؤسسات عسكرية أوإعلامية أوبحثية), والقنوات عربية. بلاشك أن وجهات النظر تتفاوت في قضية خطيرة من هذا النوع وبالتالي فإن الرؤى والمواقف والتوقعات تختلف وتتباين هي الأخرى. عند الحديث عن أوكرانيا ووفقا للخريطة والتوازنات وصراع الغرب والشرق القديم والجديد والمتجدد لايمكن للمرء الإ أن يتذكر السلاح النووي. وأقرب مقاربة لهذا السلاح هو ماحصل خلال شهر تشرين الأول عام 1962عبرما بات يعرف بـ "خليج الخنازير" عندما زرع الإتحاد السوفياتي يومذاك صواريخه في كوبا المتاخمة للحدود الأميركية. جن جنون الرئيس الأميركي العاقل جون كندي. فوجود صواريخ تحمل رؤوسا نووية في أقرب خاصرة له يهدد وجود بلاده فأصدر إنذاره الشهير للزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف الذي أضطر بعد أيام الى تفكيكها ونقلها. حصل هذا بعد أن حبس العالم أنفاسه لعدة أيام من حرب نووية كانت وشيكة.
قد لايختلف الأمر كثيرا الآن. فالحرب لاسيما لدولة نووية وكل خصومها الكبار نووين أيضا فمن يضمن سلامة الزر النووي وما إذا كان لايزال في حقائب حصينة. نعود الى المحللين والخبراء الذين كانوا يحلون ضيوفا دائميين على القنوات التي تتابع الحدث الأوكراني يوما بيوم بل ساعة بساعة . الذي لفت نظري أن عددا من كبار المحللين والكتاب والأكاديميين البارزين في العالم العربي كانوا يصرون على عدم إندلاع الحرب. بل أن منهم من ذهب الى ماهو أبعد من ذلك حين جزم أن إطلاقة واحدة لن تطلق. لكن الحرب برغم محدوديتها النسبية إندلعت وتطاير الرصاص في كل إتجاه. كون الحرب محدودة لايعفي من خطأ التوقع. لكنها في النهاية الحرب ومآالاتها التي يصعب توقع نتائجها. السؤال هو ما الذي جعل محللين وأكاديميين يشار اليهم بالبنان يجزمون بعدم حصول حرب ؟ من الواضح إنهم كانوا ينطلقون من أن تشابك المصالح والحذر من تفكك الخرائط القائمة بعد الحرب العالمية الثانية وطبيعة التحالفات الدولية ربما تكون عائقا معقولا لعدم إندلاع الحرب. ربما تكون وربما لاتكون. لكنها كانت.حل القيصر محل الأرشيدوق. لا فرق.. فقط بالنووي.
مقال لاينتظر للإسبوع القادم ..