الشيخ محمد الربيعي ||
المقال بناءا عن سؤال وجه لنا ، فنقول بعد التوكل على الله تبارك و تعالى :
إنّ التشيّع الصافي هو نفسه الإسلام في نقائه و مدى سعته لكلّ عناوين الحياة و الوجود ، وحركة الإنسان في كدحه إلى الله تعالى ، و ليس التشيّع كما يصوِّر البعض بعيداً من الإسلام أو غريباً عنه أو أنّه أُلصق به ، بل هو في خطوطه العقيدية و إبرازه لمفاهيم الإسلام ، يدلّ إذا ما نظر الإنسان بموضوعيّة إليه ، على أنّه المعبّر بصدق و إخلاص عن عمق الرسالة في توجّهها إلى بناء الفرد و الجماعة ، و مخاطبة العقل و ترميم الوعي ، بغية ممارسة الدور و المسؤوليات كما يجب .
فالتشيّع ليس شيئاً غير الإسلام في روح شريعته ، و وضوح أبعاده و معانيه و مقاصده ، و الشيعة هم من يفكّرون بذهنية تجعل من الإسلام منطلقاً و غاية ، بعيداً من التعصّب و الانغلاق و القصور في الفهم و التّعامل مع الأحداث و القضايا.. فالتشيّع إذاً لا يستبدل في تصوراته و حركته بالإسلام ، بل يعمل جاهداً أن يعبِّر عن وجهة نظر الإسلام في كل الشؤون بكلّ مصداقية و وعي ، لأنّ أي مذهب أو انتماء إلى عنوان معيّن لا يتخلّى عن الأنانيات و التعصّب الأعمى و ضيق النظرة و الأفق ، سيظلّ محدوداً و مشلول الحركة و فاقداً للحرية و للنشاط العقلي و المعرفي في استنطاق الخطوط العامة للرسالة و ترجمة تجلياتها في الحياة إنتاجاً و ممارسةً و إبداعاً .
و أهل بيت العصمة ( ع ) كامتدادٍ لرسول الله ( ص ) و للرسالة ، كانوا المسلمين في فهمهم و إدراكهم و حركتهم ، و أعطوا الإسلام كلّ حضورٍ قيميّ في كلّ جوانب الحياة ، و أصّلوا قواعده و ضبطوا مفاهيمه .
و اليوم ، علينا تصويب النظرة ، و معرفة أنّ التشيّع هو حركة و مذهب منفتح و واسع بسعة الإسلام في خطابه الحاضر و المستقبلي للبشرية.. و هو أيضاً انعكاس لعمق القرآن وسنّة الرسول الخاتم ( ص )..
محل الشاهد :
إنه الإسلام في خطّ وفقه أهل البيت( ع ) ، نحن لا نريد أن نستبدل بكلمة الإسلام كلمة أخرى ، بل نقول نحن مسلمون على خطّ أهل البيت( ع )، و نؤكد مراراً إن على الشيعة أن يفكّروا كمسلمين، لأننا إذا فكّرنا شيعةً و سنّةً من موقعنا الإسلاميّ ، فنحن نلتقي على الإسلام ، و يمكن أن نتحاور مع بعضنا البعض على أساس الإسلام..
و إنّنا نفكر في الإسلام على طريقة أهل البيت ( ع ) لأنهم المعصومون ، و لأنهم أهل بيت الرسالة و مختلف الملائكة ، و لأنّ أهل البيت أدرى بما فيه ، و لأنّ الرسول ( ص ) قال : ( أنا مدينة العلم و عليّ بابها ) ، و لأنّ عليّاً قال: ( علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، يفتح لي من كلّ باب ألف باب ) .. و نحن مسلمون ، و نعتبر التشيّع عمق الإسلام ، كما يعتبر الآخرون مذهبهم شيئاً آخر..
لذلك ، فإنّ علينا ألا نبعد عنوان الإسلام عن عقولنا ، إنّنا ننطلق في التشيع من خلال القرآن و من خلال السنّة ، و القرآن و السنّة هما المصدران الأساسيان للإسلام في عقائده وفي شرائعه .
من هنا ، علينا التفكير في حجم الإسلام في كلّ آفاقه ، و ألا نعيش ضيق الأفق و التعصّب الضيّق الذي يمنعنا من الرؤية الواسعة والمتعدّدة و الحضارية لكلّ أبعاد الإسلام في خطّ أهل البيت ( ع ) ، و بخاصّة و نحن نعيش هجمة شرسة تستهدف الإسلام كلّه، بغضّ النظر عن هذا المذهب أو ذاك.
نسال الله حفظ الاسلام و اهله
نسال الله حفظ العراق و شعبه