حافظ آل بشارة ||
هذه المعركة بين روسيا واوكرانيا هي نموذج آخر لحروب النيابة الامريكية ، فهذه الحرب مطلب امريكي ، اميركا بحاجة الى هذه الحرب لعدة اسباب :
1- لتأخير التحالف العالمي الجديد بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران ، لأن هذا التحالف اقتصادي بالدرجة الاولى يعني ان الدول الناهضة اقتصاديا في اسيا ستنضم اغلبها الى القطار الصيني الروسي ، ليطردوا اميركا من اسيا ويزحفوا باتجاه الاتحاد الاوربي .
2- الاتحاد الاوربي كله لايريد الحرب ، روسيا لا تريد الحرب ، اوكرانيا لاتريد الحرب وتعلم انها كبش الفداء للمواجهة بين روسيا واميركا .
3- الاوربيون سيخسرون تدفق الغاز الروسي اليهم ويعيشون ازمة طاقة مرعبة ، وادعاء اميركا بانها ستضغط لتعويض النمط الاستهلاكي للغاز بالنفط ادعاء صعب التنفيذ لاسباب تكنلوجية معروفة.
4- الاوربيون خاصة المانيا وفرنسا يرفضون ان يتحول حلف النيتو الى اداة لتنفيذ الحروب الامريكية ، ويخيفهم سعي اميركا الى نشر قواعد النيتو على حدود روسيا بهذه الطريقة الاستفزازية بدون اتفاق مسبق مع الشركاء الاوربيين.
5- اميركا تبعد عن منطقة الصراع عشرة الاف ميل ولا يمكن ان تتأثر مباشرة بلعبة القمار العسكري الدموي مع روسيا ، بل الذي يتأثر هي دول اوربا المتأخرة بمراحل كثيرة عن روسيا عسكريا ، ولذلك لن تكون اوربا متحمسة لحرب تجري في خاصرتها الشرقية خاصة وان روسيا عملاق عسكري واقتصادي هائل وجغرافيا شاسعة ، ولا تملك اميركا واوربا غير العقوبات الاقتصادية ضد روسيا التي ستؤذيها ولكن لن تنهي قوتها بل ستزيد غضبها.
6- حلفاء روسيا في العالم وابرزهم الصين لن يقفوا مكتوفي الايدي امام هذا التحدي ، الذي يريد منع نشوء قطب ثان يقود العالم الى جانب اميركا ، لا احد من حلفاء روسيا يريد تعزيز الاحادية الامريكية في قيادة العالم.
7- العالم كله يعرف ان اميركا بلعبتها الدموية هذه تريد تصدير ازماتها الداخلية الخانقة ، فادارة بايدن تعاني من تنامي عناصر التفكك الاجتماعي والاقتصادي وتصاعد العنصرية في المجتمع الامريكي ، والمفكرون الامريكيون يوميا يقدمون تقارير مخاوفهم حول مايسمونه الخطر الماثل امام مستقبل الاتحاد .
8- حلفاء اميركا مجبرون على العمل معها تحت التهديد ، ولا مصلحة لهم في تخريب التوازنات القائمة في اسيا واوربا ، وهناك ترحيب اسيوي اوربي بالنهوض الصيني والصيغ الاقتصادية التشاركية التي ينادي بها ، فالصين مخزن سلع العالم الرخيصة الذي يعززه مشروع الحزام والطريق الذي هو اول رؤية لتوحيد الاقتصاد الآسيوي انتاجا وتصديرا وعمالة ، وتقديم خدمة سلع وخدمات كبيرة لاوربا العجوز التي تعاني من تراجع مواردها البشرية وتقادم نظامها الرأسمالي ، وروسيا مخزن غاز العالم الرخيص الذي لا يعوض.
التحرش الامريكي الابتدائي بروسيا يفترض ان يقابله رفض اوكراني واوربي ، لكن الجبن الاوربي ساعد على تفاقم الازمة ، كلما طالت الازمة سوف تفهم اوربا خطورة الموقف ، وكونها الخاسر الاكبر فيه ، لذا من المتوقع ان تبدأ التسويات من الآن ولن ترضى اوربا بأن تكون مسرحا لتناطح الثيران النووية الهائجة ، وهناك فرق في مواهب القيادة بين بوتين ذي الشخصية الشرقية البارعة المتأنية ذات الصلاحيات الهائلة ونظامه الرئاسي المتماسك الذي لا يواجه منافسين داخليين، وبين بايدن الذي يعاني الكثير في اميركا ذلك العملاق المترهل الذي اتسع سجل هزائمه ، وخصومه الداخليين ، لذا تبدو التسوية في النهاية امرا لا مفر منه ، وهنا لابد من التنبيه الى ان الحرب الاعلامية التي تتفجر الآن هي حرب اعصاب مضخمة ومحترفة اما ما يجري على الارض فهو اقل بكثير