الشيخ الدكتور عبدالرضا البهادلي ||
نجاح النبي صلى الله عليه وآله في تغيير واقع المجتمع الجاهلي، بثلاثة أمور اساسية برسوخ عقيدة التوحيد في نفسه، وحمله للأخلاق التي يدعو لها فكان خلقه القرآن ، ونزوله إلى واقع المجتمع ، فكان دوارا بطبه....
🔹هذا هو مختصر لسر نجاح النبي صلى الله عليه وآله في تغيير واقع الأمة والمجتمع ونقله المجتمع من الجهل والتخلف إلى أمة كبرى بين الأمم .
🔹فالأمر الأول : لقد كان النبي صلى الله عليه وآله يعيش الفطرة السليمة، فطرة التوحيد ورسوخها في نفسه الطاهرة ، فطرة الله التي فطر الناس عليها ، فلم يسجد لصنم ولم يتلوث بلوث الجاهلية التي كان عليها قومه في مكة المكرمة، بل كان قبل بعثته يعيش التأمل والتفكر في عالم الخلق وخالق الكون في غار حراء ذلك الجبل المرتفع ، فقد اختار النبي صلى الله عليه وآله هذا المكان لتاملاته وفنائه في الله تعالى بعيدا عن البشر ، ولعل النبي صلى الله عليه وآله اختار ذلك المكان الطاهر لانه المكان الخالي من معاصي البشر .....
🔹والامر الثاني : كان النبي صلى الله عليه وآله قبل بعثته يسمى في المجتمع بالصادق الأمين، يعني أن ملكة الصدق والأمانة كانت متوفرة في النبي صلى الله عليه وآله عمليا من خلاله سلوكه وعمله قبل البعثة في الواقع الاجتماعي، كيف لا وهو الإنسان المسدد من الله تعالى ليكون للناس بشيرا ونذيرا، وكما قال الإمام علي عليه السلام يصف النبي قبل بعثته ورعاية الله تعالى له "ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه (صلى الله عليه واله)، مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه، يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه"
🔹والامر الثالث : هو نزوله إلى واقع الأمة والمجتمع فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله جالسا في بيته كبيت الله تطوف الناس حوله ، ولم يجلس على المنبر في المسجد يدعو الناس إلى الله تعالى ، بل قام النبي صلى الله عليه وآله بنفسه وصار يطوف حول الناس والقرى والمناطق يدعوهم إلى دين الله تعالى من أجل أن يداويهم ويخرجهم من ضلالهم إلى نور الإسلام ، وهذا ما أشار إليه علي عليه السلام ( طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَ أَحْمَى مَوَاسِمَهُ يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وَ آذَانٍ صُمٍّ وَ أَلْسِنَةٍ بُكْمٍ مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ وَ مَوَاطِنَ الْحَيْرَة».
🔹الأمر الرابع، الاختلاف بين البعثة والاسراء والمعراج. هناك بعض الناس لا يفرقون بين ذلك وفي الحقيقة. ان بعثة النبي صلى الله عليه وآله هو ابتداء مجيء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله عندما قال جبرئيل للنبي اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق..
وأما الإسراء والمعراج، فهو حدث إسراء النبي من مكة المكرمة إلى بيت المقدس ومن هناك عرج به صلى الله عليه وآله إلى السماء وقد تحدث القرآن الكريم عن ذلك. سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.....
وقد اختلف في ذلك من حيث السنة فهل السنة الأولى للهجرة ام الثانية ام الثالثة او الرابعة او غير ذلك .....
ومن حيث الشهر، فهل ربيع، رجب، شوال، رمضان....
ومن حيث اليوم، فهل هو ٢٧ رجب، ١٧ رمضان، ١٧ ربيع الأول، أو حصل في احد ليالي شوال أو ربيع الثاني... وقد اختلف السنة في ذلك إلى أقوال متعددة.....