حمزة مصطفى ||
كان الفارق كبير حتى عشية إندلاع الحرب في أوكرانيا بين فلاديمير بوتين وفلوديمير زيلينسكي. الأول نعرفه حق المعرفة. وهل يخفى القمر. تريده قيصر قيصر تريده أبوعلي أبوعلي. أما الثاني فكل معرفتنا عنه لاتتعدى كونه ممثل كوميدي سابق ورئيس دولة حالي. بالنسبة لنا وطبقا لكل مانحمله من إرث ثقافي وشعبوي عن الزعيم والممثل فإن الزعيم زعيم حتى لو "حرك الأمة", والممثل ممثل مكانه الشاشة والمسرح. الزعيم "ميخالف" يجعلنا نعيش برعب. لانعرف أحيانا رأسنا من أرجلنا لأن "راسنا ورجلينا" متعلقتان كلتاهما بعقل الزعيم اللي لانعرف "متى يطخ" وكيف "يطخ" وأين نقف ومتى نمشي. أما الممثل فلا دور له سوى إضحاكنا وأحيانا لـ "القفا" حتى في حال مثل فيلما أو مسلسلا ينتقد فيه الرئيس ولو من باب الرمز أو الكناية.
إندلعت الحرب. بكينا مع القيصر أبو علي لأنه قرر خوض "أم كل المعارك" وضحكنا على الممثل الكوميدي وكيف سيلعب به بعد ساعات القيصر "طوبة". لسنا نحن من لعب الفار بـ "عبه" فقط. حتى الرئيس جوبايدن لعب هو الآخر الفار بـ "عبه" فإقترح على زيلينسكي أن يؤمن له مع أركان قيادته ملجأ آمنا في الولايات المتحدة الأميركية. لم يتأخر الرئيس زيلينسكي بالجواب "دز لي ذخيرة" لست بحاجة الى ملاذك الآمن. القادة الأوربيون الـ 27 داخوا أول يومين. بقي القيصر أبو علي منتشيا ونحن معه نرقص على وقع طبول إنتصاراته السابقة. لا أطيل "السالفة" عليكم صمد زيلينسكي. ظهر شجاعا بالتيشيرت. واثق الخطوة. تطوعت ملكة الجمال وإشتد وطيس الحرب.
شمر الأوربيون عن سواعدهم قبل الوقت بدل الضائع, وبدأت المساعدات وبقي زيلينسكي يتجول مدنيا حاسر الرأس بلا نجوم ولا نياشين ولا "قلبالغ". فالحرب "مشتقة المعنى من الحرب" كما يقول أبوتمام. زيلينسكي ربما بعكس القيصر كان يعرف أن الحرب لن تكون نزهة. لذلك تحزم لها جيدا وأول ماتحزم له هو إتخاذه قرار الصمود في وجه الة عسكرية أقوى وأكبر من قدراته. صحيح أن صفحات الحرب لم تنته بعد لاسيما أن روسيا أحرزت تقدما واضحا فيها. وكل شئ لايزال متوقعا مع إعلان بوتين رفع وتيرة الأمور الى حد وضع الأسلحة النووية على أهبة الإستعداد. وعلى الرغم من أن قرار بوتين تم فهمه في مختلف الأوساط بأنه تعبير عن قلق حيال مجريات الحرب لكنه من زاوية أخرى يمكن يقرأ على أن بوتين مستعد للذهاب الى أكثر الخيارات صعوبة في سبيل قهر إرادة الشعب الأوكراني.
مع ذلك وبصرف النظر عما تخبئه الأيام المقبلة فإن زيلينسكي وطبقا لكل التحولات والقراءات وبعد كل ما عبر عنه من ثقة عالية بالنفس وبشعبه فإن الرجل .. "شق الجفن".