الشيخ محمد الربيعي ||
درس مهم ، من مدرسة الاسوة الحسنة ، من قسم الخاص بالامام الكاظم ( ع ) نتعلم منه الكيفية التي نتعامل بها مع العدو ، بل والابلغ من ذلك كيف نحول تلك العداوة الى صداقة .
محل الشاهد :
إنَّ الإنسان إذا وقف أمام أسلوبين : ▪️أسلوب يستطيع أن يحوِّل من خلاله العدوَّ إلى صديق .
▪️ وأسلوب يقتل من خلاله عدوّه أو يزيد عداوته .
فإنّ الإسلام يقول للإنسان: إنَّ عليك أن تتصرّف بالأسلوب الذي يتحوّل فيه عدوّك إلى صديق ، لأنَّ مشكلتك في عدوّك ليست في شخصه ، و إنّما في عداوته .
و لذا ، فإن استطعت أن تقتل عداوته و انحرافه و تبقي على شخصه ، فإنّك الرابح في ذلك.
تنقل سيرة الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( ع ) ، أنّه كان هناك شخص في المدينة يسبّه بمختلف الكلمات السيّئة ، حتى إِنّ طريقته في السبّ وفي التكلُّم ، أثارت أصحاب الإمام و أثارت أقرباءه ، حتى قالوا للإمام : ائذن لنا أن نقتله ، فمنعهم من ذلك .
ثمّ في يوم من الأيّام ، ذهب الإمام إلى هذا الرَّجل ـ بعد أن سأل عنه و قيل له إنَّه في بستانه ـ فذهب إليه في البستان و دخل عليه و هو جالس ، فقال الرَّجل: إنّك تفسد عليَّ زرعي ، فتابع الإمام سيره حتّى وصل إليه ، فقال له: كم تؤمّل في زرعك ؟ قال له: لا أعلم الغيب. قال له: لم أقل لك كم تخرج وكم تحصّل في زرعك، بل كم تؤمّل؟ قال: أؤمّل أن يخرج بمئتي دينار. قال هذه ثلاثمائة دينار و زرعك على حاله.
ثم بدأ يتحدّث معه بكلّ الكلام الذي يفتح قلبه و عقله و عاطفته ، حتّى ودّعه بكلّ ما يملك من الاحترام ، ثمّ سبقه الإمام إلى المسجد ، و عندما دخل و الناس جالسون ـ هؤلاء الناس الذين اعتادوا أن يسمعوا السبّ من هذا الشّخص ـ بادر هذا الرّجل إلى الإمام و هو يقول للنّاس : الله أعلم حيث يجعل رسالته.
و التفت الإمام إلى أصحابه قائلاً لهم: انظروا أيّ أسلوب أفضل ، أن تذهبوا لقتله فتخلقوا ألف مشكلة من خلال قتله ، أم أن نحتوي عداوته من خلال الأساليب التي يمكن أن تسقط عداوته ؟ و هذا ما حصل [ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَ مَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ .
اذن نتعلم من الامام الكاظم ( ع ) ما للحوار و طريقة ادارته ، مع اضافة بعض الاساليب التوضيحية لحسن النية في انقلاب الشخص من العدو الى الصديق .
و هذا ممكن تطبيقة على مستوى الفرد و المجتمع في تعاملة مع مجتمع اخر يكن له العداء ، او بين الحزاب السياسية فيما بينها او بين العشائر ، بل حتى بين الدول ، لان المعصوم ( ع ) في مخرجاته سواء على الصعيد القول او الفعل ، انما غايته بناء الذات و المجتمع و العالم باسره .
هذه هي مدرسة التمنية البشرية و التطوير الذات الحقيقة ، ليتعلم العالم من الامام الكاظم ( ع ) كيف يتحول العدو الى صديق .
نسال الله حفظ الاسلام واهله
نسال الله حفظ العراق و شعبه
https://telegram.me/buratha