حمزة مصطفى ||
لدي قناعة أن لاتنشأ حرب نووية في هذه الحرب الروسية ـ الأوكرانية. لماذا؟ أجبت صديقي المتشائم حين حدثني عن إقتراب الروس من تشيرنوبيل وقصفهم لمحطة "زابوريجيا" النووية في أوكرانيا. قلت وكررت ماقلته في حوار تلفزيوني حين إندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 إنتهت بعد أربع سنوات إثر إستسلام الرجل المريض الذي كان الإمبراطورية العثمانية. كانت الأسلحة تقليدية وموت 40 مليون إنسان تقليدي أيضا. الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 حصدت أكثر. حين إندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 إنتهت بالنووي عام 1945 قصف أميركا مدينة هيروشيما اليابانية بأول قنبلة ذرية. إستسلم الأمبراطور.بعد سنوات قلائل بدأت الحرب الباردة. كان الإتحاد السوفياتي قد نجح في صنع القنبلة النووية.
عام1962 وقف العالم على شفا أول حرب نووية بعد أن وضع كلا العملاقين الأميركي والروسي سلاحهما الفتاك على أهبة الإنطلاق. سرعان ما إنتهى إحتكار الروس والأميركان هذا السلاح . تكاثر حائزوه في معظم القارات السبع. إختل التوازن العالمي بسبب عدم التكافؤ في تشجيع طرف على حيازة القنبلة النووية وغض الطرف عن آخر. لدينا الآن حرب ولدينا سلاح نووي. الحرب في أوربا وهو مايزيد المخاوف.الأوربيون متحضرون في كل شئ الإ في الحروب. يطلقون على حروبنا الصغيرة والمتوسطة التي غالبا مايتولون هم تصميمها وإخراجها بالحروب التلفزيونية أو المنسية. يتفرجون علينا ويضحكون بـ "بعبهم". أما هم ففي الحرب متوحشون. خسائرهم حين يتقاتلون لا تقل عن عشرات الملايين. هذه الحرب التي لاتزال محدودة فضحت من صدع رؤوسنا بالحياد. كل محايدي أوربا أرسلوا أسلحة الى أوكرانيا. كرر ضديقي سؤاله عن إحتمالية النووي وكررت جوابي. لا سلاح نووي يستخدم في هذه الحرب. لماذا؟ لأن هذه الحرب هي بالدرجة الأولى حرب الخرائط الجيوسياسية الجديدة في العالم. روسيا البوتينية بحثت عن الفرصة الأنسب لتوسيع المجال الحيوي فزحفت نحو جارتها لعلمها أن الأوربيين سيكونوم مستعدين للقتال حتى آخر أوكراني, لكن لن يتدخلوا بأنفسهم.
أميركا تحتاج هذه الحرب لكي تتفرغ للصين على أمل إنهاك موسكو. أوربا التي باتت تجد نفسها أسيرة لقب "القارة العجوز" إحتاجت إعادة تجديد شبابها بحرب أجبرتها على التفاهم مجددا. تقدم ماكرون خطوات نحو الزعامة. خرجت ميركل بعد دقائق من شوط المباراة الأصلي. ندم جونسون على "بريكزت". الخرائط هي المانشيت الأهم في هذه الحرب. خرائط السياسة وخرائط الطاقة.