المقالات

فريدمان بين اللكزيس ومكدونالد..! 

1886 2022-03-16

حمزة مصطفى ||   لم يكن الكاتب الصحفي الأميركي توماس فريدمان أقل إستعجالا بالفرح من فرانسيس فوكاياما أيام التسعينات الذهبية لكليهما. كلاهما فرح بالنظام  العالمي الجديد بعد إنهيار جدار برلين (1989) ومن بعده الإتحاد السوفياتي أوائل التسعينات من القرن الماضي, وحرب إخراج العراق من الكويت (1991). فبالإضافة الى ما بات يخطط له المحافظون الجدد الذين صمموا غزو إفغانستان (2002) والعراق (2003) كإحدى نتائج هجمات 11ـ 9ـ 2001 وسقوط البرجين, فإن كلا من فوكاياما وفريدمان نظرا لما اسماه فوكاياما "نهاية التاريخ" بإنتصار الرأسمالية وسقوط الشيوعية, وللعولمة التي نظّر لها فريدمان عبر كتابيه "العالم مسطح" و"السيارة ليكزس وشجرة الزيتون". طبقا لما أراد فريدمان قوله فإن من شأن العولمة أن تجعل الحمل والذئب يتناولان معا وعلى طاولة واحدة شطائر الهمبرغر في أحد مطاعم مكدونالد. ومطاعم مكدونالد مثلها مثل السيارة ليكزس أحد أبرز رموز العولمة التي كرست العالم بوصفه مجرد "قرية كونية".   وإستنادا لفرضية فريدمان فإن مطاعم مكدونالد لاتوجد الإ في الدول الديمقراطية   التي جعلت النزاعات والحروب خلفها. النزاعات والحروب بالنسبة لفريدمان باتت فقط من حصة الدول  المتخلفة. والدول  المتخلفة طبقا لفريدمان هي تلك التي لاتوجد فيها فروع لمكدونالد. ومكدونالد بالنسبة لفريدمان ليست مجرد سلسلة مطاعم ذات ماركة عالمية شهيرة بل هي عنوان العالم  المسطح الجديد الذي لايتقاتل فيه أحد على بضعة أشجار زيتون مثلما يختزل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائليين.          الآن وطبقا للأخبار الواردة من أجواء حرب القرم الجديدة (لا أقصد القرم التي ضمها بوتين عام 2014) بل حرب القرم في التاريخ التي وقعت في القرن التاسع عشر بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية حيث لم تكن آنذاك مطاعم عابرة للقارات والمحيطات, فإن مطاعم "مكدونالد" في موسكو وفي كييف بدأت تغلق أبوابها مثلما أغلقت أبوابها الكثير من الشركات والماركات العالمية في مختلف التخصصات بسبب الحرب ونتيجة للعقوبات. ما الذي يمكن لفريدمان وهو كاتب العمود الشهير في صحيفة "نيويورك تايمز" قوله حيال ماحصل لأحد أبرز أيقونات العولمة مطاعم مكدونالد التي بدأت تغلق أبوابها في كلا البلدين؟ من يتوجب عليه الآن إعادة طرح أسئلة العولمة من جديد ومن يحق له الإجابة عليها في ظل عالم يسير بقوة نحو المجهول على أصعدة مختلفة؟ هل إستعجل فوكاياما في طرح  فرضيات تتعلق بالإنسان ومصيره مثله في ذلك مثل فوكاياما الذي أنهى التاريخ بجرة قلم؟ هل النظام العالمي الجديد والعولمة التي هي إحدى أهم مخرجاته كانت بمثابة حتمية في التطور التاريخي أم مجرد حقبة زمنية قابلة للمراجعة والتقييم في مراحل لاحقة قد تطول وقد تقصر؟ كل شئ وارد لكنه لايمكن الجزم بالنهايات والبدايات طالما أن الإنسان مهما كانت رجاحة عقله وعمق تفكيره يبقى محدود التفكير والإدراك طالما "وفوق كل ذي علم عليم" و "وما أوتيتم من العلم الإ قليلا". فالعالم الذي أصبح "قرية كونية" وهو المصطلح الذي نحته  عالم المستقبليات مارشال ماكلوهان لم يعد كذلك حين داهمته جائحة كورونا. والعالم لم يعد قرية حتى ولو كونية طبقا لماكلوهان أو مسطحا  طبقا لفريدمان لمجرد أن تعولم على صعيد التقنيات والمقتنيات ووسائل التواصل بمن فيها الهواتف الذكية. فالعالم يمكن أن يحركه فرد لأنه يريد تحريك عقارب الساعة الى الوراء.والعالم حين يفكر بنقل الغاز من روسيا الى أوربا عبر أوكرانيا لايتحكم به هاتف ذكي بحجم الكف بل أنابيب تحتاج أساطيل لحمايتها ولكنها في المقابل لن تحتاج أكثر من زر لتدميرها لتعود ليس أوربا وحدها بل البشرية الى .. العصر الجليدي الأول. 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك