عباس محمد السالم ||
حينما بعث الله تعالى الانبياء، وارسل الرسل، كان الهدف من ذلك كُله، بناء الانسان، ليتخذ موقعه الطبيعي، في مخلوقات الله تعالى، حيث سخر له كل شيء، واكرمه واعزه، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾.
وهذا البناء، يأتي من خلال تعاليم (هو) أرسلها إليهم مع انبياءه ورسله، ليقوموا بتربيته، واعداده الكافي،﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾.
هذه البيئة الايمانية، التي جعلها الله تعالى للانسان، اعطت الاهمية الكبيرة والدور الاساسي لبيئة حاضنة الانسان، وهي الاسرة، حيث جعلتها اللبنة الاساسية في بناء الانسان، وبصلاحها يكون صلاحه، وهنا أولت الشريعة المقدسة،اهتماما بالغَ بصياغة، وبناء، وصيانة، و وقاية هذه اللبنة ، حيث تبدأ وقايتها، بعدما يقي الانسان نفسه، ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ﴾.
ولهذه اللبنة مقومان اساسيان ، لا يمكن ان تتخلى عنهما وهم : (الاب والام).
حيث يصلح حال الاسرة بصلاحهما، وتفسد بفسادهما، فسلوكهما داخل الاسرة، له دور كبير في نشأة الانسان وبناءه، ففي حالات سلامة التكوين الذاتي، لدى الانسان، ترى هذا التكوين نابع من تلك الاسرة.
و لا شك بأن هنالك عوامل اخرى مؤثرة في تربيته وسلوكه، فمناها ذاتية، ومنها محيطية. فالذاتية نابعة من اصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية، و اما المحيطية؛نابعة من الاباء، والاقارب، و الاصدقاء، و الجو المدرسي، و وسائل الاعلام.
ولعل من اهم المشاكل التي تؤدي الى عدم الاستقرار، وضعف شخصية، الانسان، هو تناقض وعدم الاستقرار و عدم الانسجام الاسري، فالاب يطرح شيء، والام تناقض ذلك الشيء، وهذه المشكلة، التي تُسبب حالة فقدان الثقه بالمربي!
فهذا عدم الانسجام بين المربين، يولد الى بناء، افراد يعيشون حالة من الاضطراب النفسي، والقلق في الشخصية .
فالانسجام وعدم التناقض، الاقوال والافعال، يجعل دور القدوة الصالحة، فعال في بناء شخصية الانسان، ولها اثر كبير في سلوكه.
فالصدق بالتعامل؛ يكون ملهما لذات الانسان وبناءه، ويغرس في ذاته عوامل ايجابية، تشرق في اعماقه صفات حميدة، تنعكس على اقواله وافعاله .
فالانسجام، والصدق؛ التامين في الاسرة، يبني انسانا قياديا،صادقا منسجم، ذو شخصية فعالة، وقادرة، على مواجهة صعوبات الحياة.