منهل عبد الأمير المرشدي ||
Manhalalmurdshi@gmail.com
إصبع على الجرح .
لست في صدد كتابة نص ديني او محاضرة في مجال الفقه والشريعة انما هو افراز لحظات من التأمل فيما يصيبنا وما آل اليه حال البلاد والعباد من ويل وبؤس وشقاء وقد تناوشتنا انياب الذئاب في متاهات الفساد والنفاق بين اطماع الظالمين والمنافقين والطواغيت والعملاء والمأجورين .
قرأت في رواية عن النبي موسى عليه السلام يقال إنه كان يشكوا من ألم شديد في أحد أسنانه فتوجه الى الله عزو وجل بالشكوى وطلب منه أن يرحمه ويساعده بالعلاج لتسكين الألم وكما نعلم ان النبي موسى كليم الله فقال له الله عزوجل انظر ياموسى الى يمينك حيث ترى ذلك العشب الأصفر وخذ منه شيئا واطحنه بأصابعك وضعه فوق الضرس الذي يؤلمك وسوف يذهب الألم وترتاح . فعل موسى ما امره به الله وفعلا سكن ألم الضرس على الفور .
بعد عدة أيام عاد الألم من جديد الى نفس الضرس فأسرع موسى الى نفس العشب وأخذه وطحنه بأصابعه ووضعه فوقه إلا ان الألم لم ينتهي بل زاد وجعا . توجه موسى عليه السلام الى ربه متسائلا بإستغراب وتعجب وقال يا الهي ما الخبر فالضرس نفس الضرس والألم نفس الألم والعشب الذي ارشدتني اليه نفس العشب لكن الألم لم يزل والوجع يزداد فأجابه الله عز وجل : يا موسى انك في المرة الأولى قصدتني ولم تقصد العشب وفي المرة الثانية قصدت العشب ولم تقصدني .
الى هنا تنتهي الرواية ومنها نستشف حقيقة نعيشها وقد تفرقنا وتناحرنا واستعبدتنا اهواء انفسنا وصار لكل منا صنم يقصده لقضاء حوائجه من دون ان يكن لله ذكر ولا حساب ولا رجاء وصار لكل قوم وثن يعبدوه وطاغوت يؤلّهوه قبل الله بل وفي كل ما لا يرضي الله .
قد يقول قائل لكن ذلك لا يشمل الجميع وليس كل الناس هكذا فما ذنب البريء يؤخذ بجريرة المذنب لكن الحقيقة من مصاديق الحكمة التي تقول ان الخير يخصّ لكن الشّر يعّم . (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا . انك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارّا ) .
وهو القائل جل وعلا ( وإذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليهم لقول فدمرناها تدميرا .) أخيرا وليس أقول ليترقب كل منّا حاله وليبدأ بنفسه فهل هو يخشى الله ويتوكل عليه ويعتمد عليه ويرجو منه الخير ام انه اسير عبادة الرمز والوثن والزعيم في الحلم والطموح والطاعة والنفاق .
لينظر كل منّا الى عياله أيضا وأين صار الأولاد والبنات من ذكر الله واين صاروا من الصلاة والإتكال على الله في اعمالهم ومفردات حياتهم . ولننظر أين نحن في اعمالنا ومعاملاتنا وكم نحن قريبين من الله وكم نحن بعيدين عنه وقد أصبح الفتاسد فينا محترم موقّر والمؤمن فينا مهان محقّر.
التمس العذر لمن لا يرى في كلامي ما لا يوافق هواه لكنه وكما قلت ابتداء نتاج ما غدونا به من بؤس وفقر وضيم وظلم تحت نير الفاسدين والطواغيت والمنافقين . نعم فكأنني بالشعب قد فقد اليقين .