حمزة مصطفى ||
بعد عام 2003 أهم مافكر به الآباء المؤسسون للنظام الجديد في العراق هو كيف يتداولون السلطة بينهم. ومن أجل السلطة سكتوا على كل ماقام به الأميركان أو سمحوا به من تهديم وتحطيم لأركان الدولة التي كانت قائمة بقطع النظر عن شكل الحكم ونوعه ركنا ركنا. حل الجيش ومؤسسات الدولة كانت جزء من التحطيم الممنهج. سرقة المتحف العراقي تحت أنظار الجميع كانت جزء من عملية التحطيم الممنهج. إستباحة المال العام تحت أنظار المحتل وصمت أصدقائه من الآباء الذين كانوا ينتظرون دورهم في ركوب موجة التأسيس الجديد كان جزء من عملية التحطيم الممنهج. كل الذي كان حلم به الآباء المؤسسون طبقا لكل ماتحدث به قادة الإحتلال الأميركي سواء في مذكراتهم أوأحاديثهم المتلفزة والتي نشرت وتنشر تباعا وآخرها مذكرات رامفسيلد (المخفي والمعلن) هو أن يحكموا ولو بالإسم فقط.
أما رامسفيلد فحكايته حكاية مؤلمة جدا حين سمح له من قبل بعض آبائنا المؤسسين بتدنيس واحد من أهم رموزنا الإسلامية التي نفتخر ونعتز بها وهو سيف ذوالفقار للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). شخصيا لا أعرف (إشكال لقلبه ابونا) المؤسس الذي منح التافه الساقط القذر دونالد رامسفيلد سيف أبا الحسن؟ المهم أن ثمن ذلك كله كان الإستعجال بتسلم سلطة شكلية "لاتهش ولاتنش" من المحتل. كانت البداية من الدستور الذي أريد له أن يؤسس لديمقراطية بركن واحد هو التداول السلمي للسلطة. فالآباء المؤسسون الذين عاش قسم كبير منهم في دول الغرب الديمقراطية لم يأخذوا من الديمقراطية سوى الإنتخابات وتشكيل الحكومات وتداول الوزارات وتقاسم المنح والهبات كل أربع سنوات.
بعد التجارب البرلمانية الأربع الماضيات ثبت للجميع أن تداول السلطة كان هدفا بحد ذاته, ولم يكن وسيلة لتحقيق الأهداف التي ينتظرها الناس الذين خرجوا لإنتخاب من يفترض إنهم ممثلوهم وهي الأمن والإستقرار والتنمية المستدامة والتوزيع العادل للثروة. كل هذا لم يحصل بينما ننهمك الآن في ظل الدورة الإنتخابية الخامسة في مناقشات طويلة عريضة في كيفية تشكيل الحكومة الجديدة. الحوارات حتى الآن غير منتجة. فمن الواضح الجلي إننا مازلنا ننظر الى تبادل السلطة سلميا مع تلويح بالقوة أحيانا بوصفه هو الهدف لا البناء والتنمية والأمن والإستقرار والخدمات. ماذا يعني ذلك؟ يعني لاتوجد لدينا ديمقراطية بل .. تمقرط.