محمد هاشم الحجامي ||
في العام ١٩٩٣ أطلق صدام ما يسمى بالحملة الإيمانية ، فكانت متبنياتها تقع على مجموعة من المؤسسات والتي منها التعليم الأولي فدُرّس القرآن الكريم وتفسيره وجعلت مادة التربية الإسلامية منفردة بالامتحانات الوزارية بعدما كانت مع اللغة العربية وأجبر البعثيون على حفظ بعض السور الطوال من القرآن الكريم وفرض على طلبة بعض الكليات حفظ سور من القران الكريم وعلى ما تختزله ذاكرتي كانت سورة النساء لطلبة قسم اللغة العربية وكان السجين الذي يحفظ سورة كاملة تخفف عنه العقوبة أو يطلق سراحه إذا كانت محكوميته قليلة !! .
شملت عملية التحول إلى الوهابية المخابرات والأمن وأعضاء حزب البعث وأجهزة كثيرة ، لكنها كانت تجري بدقة متناهية ففي مناطق السنة كانت تجري بقوة في حين كانت تجري في مناطق الشيعة بشكل خفي وعلى فئات كبار البعثيين وكان المعني بها في مناطق الشيعة تحويل البعثيين الكبار إلى وهابية يذبحون أبناء جلدتهم لمخالفتهم تعاليم شيخ الإسلام ابن تيمية !!! بعدما كانوا يعدمونهم رميا بالرصاص لخروجهم على كتاب ( في سبيل البعث ) لمشيل عفلق فبإسم العروبة يقتلون لعمالتهم لإيران الفارسية وباسم التوحيد يذبحون لمخالفتهم تعاليم الوهابية وميلهم لإيران الصفوية !!! .
وهكذا تحول منظرو البعث من مشيل عفلق وشبلي العيسمي إلى ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب !!! .
هذه عملية التحول دامت عقدا كاملا اي من العام ١٩٩٣ حتى العام ٢٠٠٣ تحول معها غالب كوادر وجلادي البعث إلى متدينين طائفيين بعدما كانوا علمانيين طائفيين وبعدما كان البعث يعاقب بالاعدام من يطلق لحيته أو يلمس منه وعيا دينيا هادفا و ليس ايمان العجائز بطبيعة الحال فهو مسموح به ويروج له .
كان كتاب منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية يوزع على نطاق واسع في مناطق نفوذ النظام في حين كان يجبر البعثي الشيعي على دراسة كتب التفسير السنية .
يبدو أن صدام ومن يحيط به قرأ المشهد فأرادت مواجهة خصومه كسني وهو أشد فعلا وأقسى وقعا وإنه قد فهم الصراع بأنه متحول إلى شكل آخر فأراد أن يواجه الأغلبية الشيعية كسني متدين بعدما كان يواجهها كعلماني ملحد .
هذه نتائج الحملة الإيمانية التي نعيش تداعياتها واجرامها اليوم من تفجيرات وتكفير وقتل وطائفية ؛ فهي خطة وضعت هناك وسير عليها بخطى دقيقة ودون ضجيج أو تسليط اضواء عليها لأن العراق بلد مغلق خارجيا وممنوع الحديث عنها داخليا فمن ينقدها محكوم بالموت الذي لا مفر منه ، ويبدو أنه فهم درس الغرب الذي كانت إحدى أدواته في مواجهة الشيوعية هي الدين فكان البابا يوحنا بولس الثاني محط ثناء قادة الغرب لمساهمته في هدم الإلحاد الشيوعي .
عملية الانفتاح البسيطة التي سمح بها النظام بعد العام ١٩٩١ فخفف قليلا القيود على الممارسات الدينية كانت عملية مدروسة من أجل الانتقال من ايدلوجيا إلى آخرى خدمة للهيمنة الطائفية ومزيدا من القتل والتنكيل بمخالفي الطائفة الحاكمة .
وللحديث بقية إن سنحت الظروف ....
https://telegram.me/buratha