ضياء المحسن ||
تغلب على المجتمع العراقي صفتين هما الفتوة وشدة الساعد، لكن في المقابل فإن المجتمع العراقي يعاني من آفتين تكادان تقضيان على الميزتين الأوليان هما الإنحدار الاقتصادي والإجتماعي، وقد يعترض البعض عندما يقرأ هذا الكلام ونقول له مهلا.
تعتبر الدراسات أن سن العمل يبدأ من 15ـ 64 سنة ففي هذا العمر يستطيع الإنسان أن يعمل بجد ونشاط ويقدم أفضل ما لديه لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه، وهذه الفئة تمثل أكثر من 60% في المجتمع العراقي لذلك نحن نصفه بأنه مجتمع فتي وساعده قوي يستطيع أن يعمل في أشد الظروف وأقساها.
أضف الى ذلك فإن هذه النسبة من المجتمع الغالب فيها لديه على الأقل تعليم جامعي أولي، بالتالي فهو يمتلك عقلية مثقفة يستطيع فيها أن يتعامل مع أي متغير تكنولوجي يدخل الى سوق العمل، خاصة مع تطور التكنولوجيا ودخولها الى بيوت العراقيين والإطلاع الواسع من قبلهم، لكن هذا لا يمنع من أن النسبة العظمى من هؤلاء تعاني من البطالة بأنواعها المتعددة، لكن الأخطر فيها هي البطالة الطبيعية والناتجة عن توقف سوق العمل لسبب أو لأخر.
تبلغ نسبة البطالة بين هذه الفئة العمرية حوالي 35% وهي نسبة عالية إذا ما قيست بنسب البطالة الطبيعية التي لا تتعدى 3%، وأسباب البطالة هنا متعددة لكن الأهم فيها هو هروب رؤوس الأموال الى خارج العراق بسبب الأوضاع الأمنية غير الطبيعية، والتي يرافقها محاولة الهروب من الواقع بتعاطي المخدرات والتي تعتبر آفة يجب الإنتباه لها من قبل الجهات الحكومية، وذلك من خلال التضييق على من يتاجر بهذا النوع من الآفات وإنزال أقصى العقوبة لتكون رادع لهم، ذلك لأن من أمِن العقوبة أساء الأدب كما يقول المثل الشائع.
كما أن على الحكومة إشراك القطاع الخاص في المشاريع ومنحه فرصة حقيقية للنهوض بالإقتصاد العراقي ففي هذه الحالة يستطيع سحب جزء كبير من البطالة الطبيعية الموجودة في السوق الأن بما يساهم في تقليل المتعاطين والمتاجرين في آن واحد، ولا ننسى أن للقطاع الخاص علاقات جيدة مع شركات لها باع طويل في إدارة المنشآت ذات القدرة الإنتاجية العالية بما يتيح للعراق الإستفادة من هذه الخبرات بالإضافة الى الإستفادة من الأسواق التي يمكن أن تقوم بإدخال البضائع المنتجة في العراق.
إن تنويع مصادر الدخل في الموازنة يبعد شبح التعرض الى هزات إقتصادية عن الاقتصاد العراقي، ناهيك عن أنه يعود على المواطن بالنفع كونه يرفع من مستواه المعيشي، وفوق هذا وذاك فإن عجلة التنمية تتحرك قدماً كون العمالة في العراق رخيصة نسبياً بالإضافة الى أن المواد الأولية الداخلة في جميع الصناعات موجودة في العراق، لكن بسبب ضعف الإمكانيات نجد أن هذه المواد مهملة ولم يتم إستثمارها بما يُفقد الاقتصاد من مداخيل كثيرة يمكن توظيفها في مشاريع تنموية كبرى تقلل من الإعتماد على العوائد النفطية.