حمزة مصطفى ||
سياسيا مازلنا في حالة إنسداد. ومناخيا في حالة تصحر. لا أحد يعرف متى "تفرج" الازمة السياسية, وتصحو السماء. كل العالم الديمقراطي والمتمقرط وحتى "النص ردن" يتعامل مع السياسة بوصفها فن الممكن الإ نحن. وفن الممكن يكاد يكون تلطيفا لما سمي في التاريخ "شعرة معاوية". ومعاوية هو أستاذ ميكافيلي الذي أبتلي على عمره حين الف كتاب "الأمير". والأمير رافقته أكذوبة سياسية وهي أن كل زعماء العالم لاينامون الإ ونسخة من الأمير قرب أسرتهم. من أين ظهر مصطلح الإنسداد السياسي؟ من سوء التدبير بلاشك. كيف؟ إصرار على إجراء إنتخابات مبكرة بموعد يسبق توقيتها الدستوري بنحو ستة شهور بدا مجرد رجم في غيب الآمال المرتفعة بدون خطة ولاهدف.
زحفنا للإنتخابات وجاءت النتائج ومعها المصائب. لماذا فاز فلان وخسر علان؟ حين تسأل يقال لك صناديق الإقتراع. أنت فائز إذهب شكل حكومة. أنت خاسر روح الطم في باب المحكمة الإتحادية. يمضي الزمن وتسحق معه مدد الدستور. متى نشكل حكومة؟ لا أحد يدري. بعد الشهر الواحد, عقب عطلة المكون الفلاني, بعد الإنتهاء من المناسبة الفلانية. إنتهت المواعيد والمناسبات حتى جاءنا الفرج. ليس الفرج بحل الأزمة بل بمبررات تأخيرها. نحن متدينون ورمضان على الأبواب وبعده العيد ومن بعد العيد شوال. بعد شوال يحلها 66 حلال. حين تحاول رفع سقف الإنتقادات كوننا خرقنا الدستور يأتيك من "يخش بعينك" قائلا لك كل مايجري طبيعي ولا غبار عليه.
بالمناسبة لسنا بحاجة الى توظيف مفردة الغبار لأغراض التشبيه أو الكناية أو الإستعارة أو التورية. فالغبار عندنا عواصف تتلو عواصف. ما أن تغادر عاصفة حتى تحل محلها عاصفة. فالغبار يملأ حياتنا ولا أحد يلتفت لا لأسباب هذا الغبار المتعاصف أو العواصف المتغابرة ولا الى الأسباب التي أدت الى جفاف بحيرة ساوة. سوف أترك الغبار الذي طالما نستخدمه في تلطيف عباراتنا وجملنا السياسية حين نتناول الإنسداد السياسي وأبقى في صلب موضوع الإنسداد. في كل الدول التي يتأخر فيها تشكيل الحكومات لايتأثر الناس. لماذا؟ لأن "السيستم" لا يتأثر بالمتغيرات. الدولة دولة. نحن نخلط بين الدولة والحكومة؟ لماذا لأن الدول عندنا ريعية؟ وماذا يعني ذلك؟ يعني أبوية. وهذا يعني أن الدولة هي الحكومة والحكومة هي الدولة. طبقا لذلك لا يتوقع فتح مجاري الإنسداد السياسي. أما غبارنا فإن إستمراره .. لا غبار عليه.