الشيخ محمد الربيعي ||
إنَّ يومَ القدس هو يوم الأوصياء و الأنبياء ، و هو يساوي العدل لكلِّ النَّاس، فنحن عندما نأخذ يوم القدس كرمز، نأخذ منه رمز العدل الَّذي يقف ضدَّ كلّ القيم المضادَّة ، قيم الظلم و الاستكبار و الاستعمار ، و عندما نأخذ يوم القدس كرمز ، نأخذ منه معنى الحريَّة ، لأنّ العبوديّة ظلم ، ظلم الإنسان لنفسه ، وظلمه للآخرين .
ان يوم القدس حتَّى لا يرتبط النَّاس بالتراب كتراب ، و حتى لا يتحجَّر النَّاس بالأطر الإقليميَّة التي تجعلك تشعر كأنَّك تفكر في إطار الحجارة.
إنَّ يوم القدس يعني أنَّك عندما تخاطب الحجارة و النَّاس وكلّ الأشياء ، فمن حيث إنَّهم يمثّلون القيمة ، لا من حيث إنهم يمثّلون الصّورة...
لهذا، كان يوم القدس رمزاً؛ رمزاً لقيمنا، رمزاً لروحيَّتنا، رمزاً للآفاق الكبيرة التي عاش فيها تاريخنا، ونريد من خلالها أن نصنع تاريخنا.
وذلك هو معنى يوم القدس، رمزه أنَّه انطلاقة تعبِّئ الأُمَّة في يوم اجتماع المسلمين في آخر جمعة من شهر رمضان، دورها أن توسِّع الصّراع... ليتحوَّل إلى حالة إسلاميَّة ترفض إسرائيل بما تمثِّل من موقع للاستعمار وبؤرة للانحراف وللفساد، كما ترفض الطَّعام والشَّراب والشَّهوات، فيكون تعبيراً عن أحد معاني الصَّوم السياسيّ الّذي ينبغي أن يكون متلازماً مع الامتناع عن الطَّعام والشّراب وغير ذلك.
محل الشاهل :
نؤكّد دائماً أنّ يوم القدس لا بدّ من أن يبقى يمثّل الرّمز للقضيّة، وإنّ هذه الرمزيّة هي بيد النّاس أنفسهم ، لأنّ الوعي هو الذي يُخرج أيّ مناسبة احتفاليّة من شكلها المجرّد إلى أفقها التوجيهيّ و التثقيفيّ ، و شحن الوجدان الحيّ الفاعل في سبيل إعطاء القضيّة زخمها الأقصى مقدّمةً لعمليّة تغيير الواقع.
وقد يحسن لنا في هذا المجال أن نشير إلى أنّه لا ينبغي أن تقتصر الاحتفاليّة بيوم القدس على لونٍ واحد ، أو على جهة معيّنة ، بل لا بدّ من أن نضمن أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته، بحيث يشعر كلّ إنسانٍ، من موقعه الثّقافي، أو السياسيّ، أو الاجتماعيّ، أو الاقتصاديّ، أو العسكريّ والأمنيّ، أو ما إلى ذلك، أنّه معنيّ بهذا اليوم، وأنّ بإمكانه التعبير بطريقته عن حضور القضيّة في وجدانه، بما يؤمِّن الأرضيَّة المؤاتية لتحرّك المجتمع بأسره نحو تلك القضيّة، لا أن يتحرّك جزءٌ من المجتمع من خلال لونٍ واحدٍ، ويبقي كثيراً من النّاس الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيّين بهذا اللّون الاحتفاليّ، خارج إطار القضيّة ورمزيّتها.
نحن أمام مسؤوليات كبيرة أمام الله تعالى، وأمام التاريخ، بأن نحيي الحقّ ونحميه، وننطلق كي نتوحّد حول قضايانا الكبيرة و الاستراتيجية ، الّتي تمنحنا ثباتاً وقوّةً وحضوراً مشرّفاً بين الشّعوب.
فلنجعل كلّ مشاعرنا نحو أحقيّة القدس، ولنوحّد كلّ طاقاتنا في سبيل حفظ حقوقنا وكراماتنا، ومواجهة الظّلم والظّالمين، مهما كانت التّضحيات، حتّى نثبت حضورنا وفعلنا وتأثيرنا العزيز المشرّف في كلّ ما يهمّ حاضرنا ومستقبلنا.
اللهم احفظ الاسلام واهلة
اللهم احفظ العراق واهله
اللهم احفظ فلسطين و اهلها