منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح ..
صار واضحا لدى الجميع ان كل شيء ممكن ومقبول ومستساغ في العراق في الممكن واللاممكن والمعقول واللامعقول . خريج كلية الهندسة او دكتوراه في الزراعة يفترش الرصيف ليبيع ما يبيع او يقف في التقاطعات ليبيع قناني الماء كي يحصل على شيء من الرزق اليسير لعياله . مجرم مع سبق الإصرار ومتهم بالإرهاب ومحكوم بالإعدام يعود بريئا مبرأ من سابع ظهر ويعود فاتحا منتصرا مفتخرا بين اهله وعشيرته و (هلا بيك هلا وبجيّتك هلا ) . مجرم آخر ومحكوم آخر يغّرد ناصحا لبناء العراق ومبشرا بقدومه عما قريب ركنا من اركان العملية السياسية !!
إرهابي اخر كثيرا ما سمعناه يتفاخر بدعم الدواعش وخريج الدراسة المتوسطة يكون مستشارا في إحدى الرئاسات .
عوائل الدواعش يستلمون رواتب تقاعدية بعد ان صار ابنائهم المجرمين بقدرة قادر شهداء مع الصالحين والصدّيقين . لص وفاسد محترف ومعترف بفساده يغدوا رئيس او نائب رئيس اللجنة المالية في البرلمان وهكذا .
كل شيء ممكن . رئيس اقليم يتعهد لأوربا بكفايتهم من الغاز العراقي رغم انف ساسة العراق .
ويروى والرواية على ذمة الراوي إن ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺪﺭﺳﺔ متوسطة شاهد أﺧﺖ حارس المدرسة وهي تأتي لأخيها بالطعام فأعجب بها وخطبها من اخيها وتزوجها ﻭﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻨﺴﺐ وكما يقول المثل النسيب كالحبيب ﺃﺻﺒﺢ يهتم به اهتمام خاص وحتى ان انه اخذ يكلفه بأعمال كتابية في ادارة المدرسة ثم استحصل موافقة مديرية التربية على تحويله من حارس الى كاتب ولم يكتف مدير المدرسة بذلك بل صار الحارس النسيب بموقع معاون المدير العاشق الحبيب . توسعت صلاحيات الحارس النسيب واخذ يصول ويجوزل ويفعل ما يشاء حتى انه يعطي بعض الحصص الدراسية في بعض الصفوف كما يشاء وكيفما يشتهي . ﻭﺷيئا فشيئا ﻭﺑﻐﻴﺎﺏ الرقابة ﻭﺍﻟﺤﺴﻴﺐ ثبّت المدير الحارس النسيب بعنوان معاون مدير المدرسة . ﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭ
ﺩﺍﺭﺕ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻭﺍﺭﺗﻘﻰ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﺍﺻﺒﺢ مديراً للتعليم وكان اول امر اصدره هو ترقية ﻧﺴﻴﺒﻪ الحارس ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﺮا للمدرسة .
ﺛﻢ ﺩﺍﺭﺕ ﺍﻻﻳﺎﻡ بين الأحباب ورشح المدير لمجلس النواب ضمن قائمة احد الأحزاب وحصل على أعلى نسبة من التصويت والإعجاب وفي ليلة وضحاها صار ﻭﺯﻳﺮا للتعليم وحينها لم ينسى نسيبه الحارس واصدر امرا بترقيته الى درجة مدير عام التربية .
صار للحارس مكتب ﻓﺨﻢ وﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺧﺪﻡ ﻭﺣﺸﻢ ﻭﻣﻔﺘﺸﻴﻦ ﻭﻣﺪﺭﺳﻴﻦ ﺣﻮﻟﻪ وشلة من المتملقين وزحام من الضيوف واللقاءات التلفزيونية وأمسى يتحدث عن الرأي والرؤيا في مستقبل الوطن وحيثيات المواطنة .
ذات يوم وﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺼﻔﺤﻪ ﺇﺣﺪﻯ الجرائد ﻭﻗﻊ ﻧﻈﺮﻩ ﻋﻠﻰ أحد العناوين ﻳﻘﻮل (ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ يقرر ﺗﺸﻜﻞ ﻟﺠﺎﻥ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠـﻴﻦ في الدرجات الخاصة بالوزارة وﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤـﻴﺔ). ﺍﺭﺗﺒﻚ الحارس ﻭﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻭﺧﺸﻲ أن يُفتضح أمره ﻓﻬﻮ بالإصل حارس ﻭﻻ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻟﺪﻳﻪ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﻟﻠﻤﻨﺼﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ،
اﺗﺼﻞ ﺑﻨﺴﻴﺒﻪ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻗﺎﻝ له يا نسيبي الحبيب ,أﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ أﻥ ﻻ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻟﺪﻱ وأن قرار إعادة تقييم الشهادات سيفضحني!!
ﻓﻀﺤﻚ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : "ﻻ ﺗﺨﻒ ياسيادة المدير ، فقد ﻭﺿﻌﺘﻚ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻋﻠﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﻢ". ... وتستمر المهزلة وبنجاح ساحق حتى شعار آخر .
https://telegram.me/buratha