تبارك الراضي ||
الديموقراطية شكل من أشكال الحكم، يحق فيها لعامة الناس التصويت والمشاركة في السياسة، من خلال انتخاب ممثلين سياسيين يتحملون تحقيق مصالحهم بالنيابة عنهم. ميزة الحكومات الديموقراطية امتلاك ضمانات قوية للحقوق الشخصية والتي من أهمها، حرية التعبير المكفولة للجميع بصفتهم مواطنيين، ومن ثم هي مكفولة لممثلي الشعب بصفتهم أفراد اولاً، وبصفتهم ممثلين لناخبيهم ثانيًا.
مع ذلك، قد تنزلق الديموقراطيات الراسخة والفتية على السواء إلى مستنقع الدكتاتورية، بوصول المحتمل دكتاتوريتهم إلى السلطة، لكن كيف يصل هؤلاء؟
يرتقي الدكتاتور إلى السلطة في الحكومات الديمقراطية بعدة طرق. إحدى الطرق هي الوصول نتيجة الاستقطاب السياسي بين الجماعات، حيث تتشدد الأطراف السياسية المتنافسة في مواقفها، ولا ترغب في التعاون مع بعضها البعض، وتلجأ من أجل ضرب منافسيها إلى التحالف مع جماعات دكتاتورية أو محتمل استبدادها، مما يسمح لهذه الجماعات الاستبدادية أو المتطرفة بالوصول للسلطة والتحكم بالسياسة نتيجة التحالفات الخاطئة. بعد وصولهم للسلطة (المحتمل استبدادهم) يبدأون باجتثاث أهم مرتكزات الديموقراطية وهي الحوار السلمي مع الجماعات المتنافسة؛ باستخدام السلطة لتكميم الأفواه.
ما حدث داخل مجلس النواب العراقي هو خير مثال على بداية ممارسة دكتاتور لدكتاتوريته، وحادثة مهمة على الانحدار بالديموقراطية الوليدة بعد خمسة وثلاثين عامًا من الحكم الديكتاتوري.
لجوء السياسيين إلى إسكات منافسيهم وترهيبهم إلى أن يصبحوا غير قادرين على المشاركة في القرارات السياسية، يؤسس للعودة للوراء؛ لذا هذه الخطوة مهددة للنظام الديموقراطي أكثر من أي خطوة أخرى، ويجب على السياسيين داخل البرلمان وخارجه، العمل على منع زحف الممارسات الديكتاتورية إلى السلطة التشريعية. يجب أن يفعلوا أكثر من مجرد الإدانات، يجب أن يتأكدوا أن مثل هذه الممارسات لن تتكرر مرةً أخرى…
https://telegram.me/buratha