حمزة مصطفى ||
إستقرت الرصاصة في رأس شيرين أبو عاقلة. الرصاصة تأخرت 25 عاما بالتمام والكمال. فطوال هذه الأعوام شبه الطويلة كانت شيرين تغطي لقناة "الجزيرة" حيث تعمل مايجري داخل فلسطين المحتلة. ولأن الذي يجري هناك قبل ولادة شيرين بأكثر من 20 عاما وبعد موتها بأكثر من 70 عاما لم يكن أكثر من رصاص يشبه تلك الرصاصة التي قتلت شيرين وكانت قتلت قبلها مئات الآلاف من الفلسطينين والعرب. كانت شيرين تتوقع طوال الأعوام الخمس والعشرين أن تستقر الرصاصة المؤجلة في رأسها ذات يوم. حين حان موعد إطلاق تلك الرصاصة المؤجلة لم تتفاجأ شيرين فماتت بهدوء لتضج بعدها الأرض وتحاصر محتليها. العالم هو الآخر ضج لمقتل شيرين أبوعاقلة. أخطأت للمرة الألف بعد المليون الرصاصة الإسرائيلية الهدف. الكلمة عصية على الموت. الرصاصة هي من تموت. في البدء كانت الكلمة وستبقى دائما في البدء حيث لانهاية للكلمة مهما تكاثر الرصاص.
كل الرصاص الذي إخترق جسد الشهداء في العراق وفلسطين مات فيما بقي الشهداء يحاصرون قتلاهم. لم يمت هشام الهاشمي, الرصاصة التي إخترقت جسده هي التي ماتت. ولم يمت أحمد عبدالصمد ولم يمت ولم يمت عشرات الشهداء سواهم ممن واجهوا رصاص القتلة بعزيمة كانت وستبقى عصية على الموت. هل إرتبكت إسرائيل مما فعلته رصاصتها الموجهة عن عمد ؟ لا أحد يتوقع ذلك, فضلا عن أن يتوهم أن هذا الكيان المحتل يخجل مما يفعله. ربما يحتاج أن يغطي ويبرر لأنه لايريد لجرائمه أن تذهب بالإتجاه الذي قد ينظر اليه إنه خطأ أو أخطأ الهدف. فصحفية مثل شيرين أبو عاقلة لابد أن يكون لمقتلها ثمنه في المواجهة وفي إثبات الجرم بالأدلة والوقائع.
ماذا كانت ردة فعل الصهاينة؟ شككوا بالواقعة أول الأمر. لا واقعة الموت بل واقعة الرصاصة. إتهموا شيرين بقتل نفسها عبر رصاصة فلسطينية. عذر أقبح وأقذر من الذنب المفضوح. ثم أخيرا طلبوا الرصاصة من السلطة الفلسطينية. لماذا؟ لأنهم يريدون المطابقة ليس بين فوهة المسدس أو البندقية التي أطلقت الرصاصة حيث تقف شيرين مرتدية ملابس الصحافة وأمامها المايكرون تنقل مايجري على الهواء بل بين الصوت والصوت. صوت شيرين الصادح وصوت رصاصتهم التي أدت مهمة واحدة بقيت شيرين تنتظرها ربع قرن, فأنتم لستم أكثر من قتلة. كل قطرة دم تهرق على جسد فلسطين تنتزع منكم موتا مؤجلا لكم يحين موعده. الزمن هنا لن يطول حتى إن طال. الشهداء باقون وأعمار الطغاة قصار.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha