المقالات

"همهمات"

1888 2022-05-19

قاسم ال ماضي ||   الهمهمه، هي الكلام البعيد غير المفهوم   في مستشفى: السبب: إجراء عملية لأحد الأخوه. كان الدكتور صديق قديم ولذلك بسبب تلك العلاقة جعلني انتظر في غرفة بين مقاعد الأنتظار العامة وبين غرفة العمليات، مكان اشبه بـبرزخ بين الصحة والمرض، أنتظر انتهاء العملية الجراحية. ساد صمت مطبق .. استغرقت في تأمل ما أجمله... والهدوء في عالم الضجيج وكنت أسمع بين الحين والحين "همهمات" من غرف العمليات وكذا من الجانب الآخر، أي من مقاعد الأنتظار وقد شاح فكري بالذكريات، فتذكرت تلك الهمهمات التي كنت أسمعها حين كنت في زنزانات المخابرات أيام حكم الطاغيه صدام المقبور. كنت أجهد نفسي في محاولة معرفة معنى لتلك الهمهمات  التي كان مصدرها غرفة حرس السجن، .. كنت أحاول فك شفرة تلك الهمهمات لكي أحصل ولو على معلومة، أحاول أن أُركّب ما تقطع من الحروف الباقية غير المسموعة أو أن اتخلل ببقايا كلمة اوماوصل منها حرف وحرف آخر خمنتها، أي شيء عن الدينا خارج هذا القفص الأحمر، أحمر الجدران، وأحمر الضوء وحتى ما نرتديه كان أحمر .. يا لجبروت الإنسان حين يطغى على إنسان.  همهمات لا إنتاج فيها ولا شيء مفهوم ولا شيء واضح أو ربما كان من أجل رشوة أو طعام سُرق من ذوي السجناء أو ربما كانوا يتبادلون المزاح الساخر عن حالنا فَهُم لا يشعرون بـآلامنا .. أو يسخرون منها ومن قضيتنا أو لعلهم يقولون لِمَ نتحمل كل هذا الألم و التعذيب من أجل كلام عن الحرية أو العقيدة أو حق في التعبير عن كل ما حرمنا منه أيام الزمن الهزيل الذي يسميه المنافقين "الزمن الجميل".  ثم قفز فكري إلى حالنا اليوم، فقلت: ياله من شبه؟! أترى صدفة ام هلاوس وهواجس أو ربما استوحى قادة البلد وساسته تلك الفترة أو من حراس سجون بلادنا فأصبحوا يهمهمون دون كلام مفهوم فلا أحد منهم يفهم الآخر ولا نحن نفهم ما يهمهمون. أظن إنهم لا يتحدثون، فقط يهمهمون ولو تحدثوا لفهم أحدهم الآخر... وقد يكون نفس الموضوع، حراس زنزانتنا عن لقمة سرقت أو عن سخرية بهذا الشعب ومطالبهِ أو رشاوى بيع المناصب والضمائر والقضايا أو عن شيء لا نفهمهُ، واعتقد إنهم أيضاً لا يفهمون الـ"همهمه" فلا نتاج فيها ولا منهاج ولا شيء مفهوم.  فاستبشرت خيرًا رغم كل هذا البؤس ذلك فإنهم كما رحل الطاغية وحرسه .. فهم راحلون، كما لعن الطاغية وزمانه وجلاوزته فإنهم ملعونون .. واننا باقون حتى اذا صرنا شواهد قبور، المهم انهم راحلون...
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك