ماجد الشويلي *||
* مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي
ألا يكفي ماعانته الثقافة في هذا البلد _الزاخر بالادباء والشعراء والمفكرين _من هيمنة وسطوة الانظمة الشمولية لعقود طويلة، حتى يأتي النظام السياسي الحالي وباسم الديمقراطية ، ليوشك أن يجهز على ماتبقى من إرث ثقافي وفني كبير ، شكل سمة بارزة في هوية هذا البلد وعمقه الحضاري.
إن إخضاع وزارة الثقافة ،والتربية ،والتعليم ، وحتى وزارة الاعلام لمبدأ المحاصصة ، كان من أبرز الخطايا التي اجترحها النظام السياسي الحالي .
وبما أن ثقافة المجتمع هي خلاصة نتاجه المعرفي وتطبيقاته السلوكية، الذي توالى عبر تراكمات زمنية طويلة، حملت معها كل ما انتابه من حقب عاش فيها الهناء أو البؤس والشقاء.
فمن الاجحاف إذن أن يتم إخضاعها للسياسة ، ومن الظلم اقحامها في أتون المناكفات والمنابذات السياسية .
وأي شئ يمكن لنا أن نفتخر فيه بعدها لو فقدنا هويتنا الثقافية في خضم النزاعات السياسية القائمة.
إنني رغم جل احترامي وتقديري العالي للاستاذ نوري المالكي ؛،لم أجد أن قيامه بافتتاح معرض الكتاب كان خطوة حكيمة ومدروسة بعناية، بلحاظ مايعيشه البلد من مماحكات سياسية ، وبيئة مجتمعية اخذ الانقسام فيها يتجذر الى حد التخندقات والاصطفافات الاستعدائية.
والأمر ذاته ينسحب على التيار الصدري الذي بادر بردة فعل مبالغ فيها ، أسفرت عن مقاطعته لمعرض الكتاب في بغداد.
وكأن الدنيا قد انقلبت وقامت القيامة.
وليس ذلك لشئ إلا لأن السياسة قد تمددت باذرعها الاستحواذية، لتستأثر بكل شئ وتستحوذ على كل شئ. في هذا البلد.
كم كان جميلا لو تم اختيار أديب من الأدباء ، أو شاعر مرموق من الشعراء، أو غيره من الكتاب والمفكرين، ليفتتح معرض الكتاب ويبعده عما جرى حوله من لغط وسجالات عكرت صفو ابتهاج المثقفين والنخب بهكذا عمل ، من شأنه يعكس ولو صورة أنيقة واحدة عن العراق للعالم .
ـــــــ
https://telegram.me/buratha