المقالات

غُرفَةٌ مِن نَهْر التوحيد في منزلة الوالدَين

1406 2022-06-01

حازم أحمد فضالة ||

 

﴿… يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ﴾

[المعارج: 11-12-13-14]

    لا يحق للإنسان مطلقًا، سواءٌ أمجرمًا كان أم صالحًا؛ أن يفتدي بأبيه وأمه أي مخلوق في الكون، وهذا محرم عليه في القرآن الكريم.

    في سورة المعارج، ذكر القرآن بحْث المجرم عمَّن يفتديه من العذاب، وذكر الفئات التي تدور في تفكير المجرم وهي: بَنيه، صاحبته، أخيه، فصيلته التي تُؤويه، من في الأرض جميعًا.

    لماذا القرآن الكريم لم يذكر: أبيه وأمه، والده ووالدته؟

لعل الجواب الأقرب للحقيقة، هو أنَّ المجرم لو طلب ذلك؛ لطرده الله سبحانه من رحمته طردًا لا مغفرة بعده أبدًا، ولأنَّ القوانين في يوم الحساب تختلف عن الأرض، فإنَّ المجرم سيرى منزلة الوالدين عند الله عزَّ وجل، لذلك لا يجرؤ على المساس بهما؛ بسبب منزلتهما العظيمة عند الله!

    نقرأ عبارات في الموروث الإسلامي: (بأبي وأمي، أفديكَ بأبي وأمي)؛ ألا تبدو أنها مخالفة للتربية القرآنية؟ فكيف تسنَّى للوَلَد التصرف بأبويه هذا التصرف، ومن سمح له بتقديمهما فداءً للأنبياء والأولياء؟

    الولد له الحق بالكلام عن نفسه هو، وأن يفدي هو الأنبياء والأولياء (وهي منزلة عظيمة تشرِّفُنا نحن المؤمنون بالأنبياء والولاية)، لكن أن يرى لنفسه حق التصرف بأبويه؛ فهذا ربما غريب عن تربية الإسلام، ولا فرق بين الحقيقة والمجاز، والمجرم والصالح، والفداء لأيٍّ كان، فالمعيار هو المنزلة الإلهية التي وضعها الله سبحانه للأبوين والوالدَين.

يقول سبحانه وتعالى عن الوالدين:

﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾

[الإسراء: 23]

    وهنا تظهر منزلتهما العظيمة عند الله؛ في ربط الإحسان للوالدين بالتوحيد! وعدم قول (أُفٍّ﴾ لأيٍّ منهما، ﴿وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾، ووجوب أن يقول لهما الوَلَد ﴿قَوْلًا كَرِيمًا﴾؛ أما السِّر البلاغي في القرآن الكريم هنا بتنكير: ﴿أُفٍّ، قَوْلًا كَرِيمًا﴾،  ولم يقل: (الأفّ، القول الكريم)؛ فهو لأنَّه يعني بكلمة ﴿أُفٍّ﴾ مُطْلَقًا: لفظًا وسلوكًا وحركةً ووزنًا، وكل قول لهما يجب أن يكون ﴿قَوْلًا كَرِيمًا﴾، أي: القول المطلق لهما لا بد أن يكون: ﴿قَوْلًا كَرِيمًا﴾، ولا يُسمَح أن يخترقه غير ذلك من قول غير كريم، من أجل ذلك ترك الأفعال هذه من غير تعريف بالألف واللام، وهذا يُظهر الدقة العالية بالتشريع الإلهي.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك