المقالات

كريستال المخدرات وكباب الإرهاب..!

1582 2022-06-04

حمزة مصطفى ||

 

إنتصرنا على الإرهاب عسكريا. هذا ماتقوله مدونتنا الإعلامية وخطابنا السياسي. حتى السياسي الذي قاد معركة النصر ضد الإرهاب (2014ـ 2017) رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي أصدر مؤخرا كتابا أطلق عليه عنوان لافت هو "النصر المستحيل".

أتفق معه دلاليا مع إني لم أطلع على الكتاب بعد. كإن المؤلف يريد القول أن الإرهاب ليس جيشا حتى تحقق عليه النصر ضمن قواعد الإشتباك المعروفة في الحروب. نصر ساحق لطرف مقابل هزيمة نكراء لطرف آخر. إتفاق تسوية أو إذلال ينهي القصة أو يؤجل إنفجارها.

 الإرهاب ليس جيشا بقدر ماهو منظومة فكرية عابرة للزمن والتواريخ والأمكنة ليس هنا مجال مناقشة متبنياتها الفكرية والعقدية.

مع  ذلك يمكن أن تتحول الى بندقية للإيجار حتى بإفتراض ماتقدمه من أطروحات ومفاهيم مثل العدو البعيد أو القريب أو التترس أوالتكفير من عدمه. حتى في الولايات المتحدة الأميركية وفي سياق تبادل الإتهامات بين دونالد ترمب وهيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما جرى الحديث عن كون هذا التنظيم صناعة أميركية.

 هذا إختزال بلاشك. داعش لم تولد بعد عام 2014. في ذلك العام إحتلت أكثر من ثلاث محافظات عراقية وأعلن مؤسسها أبو بكر البغدادي من جامع النوري في الموصل ولادة ما أسماه "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أي طبقا لخطابنا الإعلامي "داعش". لكن لهذا التنظيم تراث فكري عقدي تسلل على الأقل في العصر الحديث من فكر سيد قطب الذي أخذ بدوره مفهوم الحاكمية من الهندي ـ الباكستاني أبي الأعلى المودودي.

بعد سنوات قلائل من إعدام سيد قطب نشأ تنظيم التكفير والهجرة وظهر منظره عبد  السلام فرج عبر كتابه "الفريضة الغائبة" الذي كان تلوينا على كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب. أواخر السبعينات عندما غزا الإتحاد السوفياتي إفغانستان وما نتج عن هذا الغزو ظهر تنظيم القاعدة بدء من تنظير عبد الله عزام الى أموال أسامة بن لادن الى تفجير البرجين عام 2001, وماتلا ذلك من حروب أدت الى تدمير دولتين (إفغانستان 2002 والعراق 2003) طبقا لمفهومين أحدهما تبناه أسامة بن لادن عبر تقسيم العالم الى فسطاطين (الكفر والإيمان) والآخر تبناه بوش الإبن (إن لم تكن معي فأنت ضدي).    

كان عادل إمام قد سخر في وقت مبكر (عام 1992) من الإرهاب في فيلمه الشهير (إرهاب وكباب) الذي قاسمته بطولته الفنانة يسرى وكمال الشناوي وآخرين. يبدو أن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رأيا آخر في الفيلم  بعد أكثر من 30 عاما على إنتاجه.

السيسي وفي تصريحات أخيرة يرى أن هذا الفيلم تعامل بشكل سلبي مع إشكالية المواطن والدولة. السيسي الذي لاتزال بلاده تعاني من الإرهاب في شبه جزيرة سيناء قال إن فيلم الإرهاب والكباب جعل المواطن خصما للدولة وليس خصما للسلبية على حد تعبيره بينما المفروض أن نجعل السلبية خصما.

 لست أريد أحتكم للمقاربة المصرية السيسية في التعامل مع الإرهاب إنطلاقا من فيلم أنتج قبل ثلاثين عاما أي على عهد كلينتون الزوج وهيلاري السيدة الأولى لا وزيرة الخارجية بعد نحو عقدين من الزمن. بل لننظر الى المقاربة العراقية لنمو الإرهاب وتداعياته. فهذا الإرهاب الذي وصف قائد النصر النصر عليه بأنه "النصر المستحيل" تحول الى جزء من خلطة عطار من نوع آخر تجمع الفساد بالمخدرات وماترتب على ذلك ولايزال من مصائب وويلات مجتمعية.

  من الناحية العملية نريد محاربة الإرهاب ومكافحة الفساد ومطاردة تجار المخدرات. لكننا من الناحية العملية أيضا نصطدم بالفساد مرة فنتراجع وبالإرهاب بوصفه منظومة لا جيش فننكفئ وبتجارة المخدرات بوصفها قضية تجمع الإرهاب والفساد معا.

 القصة أصبحت تتعدى الكباب وكل أنواع المشاوي بعد أن ثبت أن عمليات الإغراء التي هي أقصر الطرق للإثراء باتت تمتد عبر خريطة الوطن بتواطؤات مكشوفة ومحمية بحيث يصعب تحقيق نصر حتى لو كان نصف مستحيل.

 المسألة باتت تتصل بالحدود المفتوحة بدء من نوافذها المباعة المشتراة الى حواضنها المبتلاة بكل أنواع الترغيب والترهيب والتخويف والتمييع.

 إنك حيال تخادم خطير بين كل أنواع المافيات بمن في ذلك مافيات الليالي الحمراء التي تجعل المسؤول إما جزء مما هو سائب , أو عاجزا عن مواجهة كريستال المخدرات وإرهاب الكباب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك