حمزة مصطفى ||
لا أحد, على حد ما أعرف, تعلم إنكليزي أو فرنسي أو هولندي أوهندي أوصيني في سبعة أيام حتى بوجود أساطين اللغة والفهم والعلم وليس بدون معلم. مع ذلك فإن كتاب من نوع "كيف تتعلم الإنكليزية في 7 أيام بدون معلم" يعد من بين أشهر الكتب في المكتبات وربما أكثرها مبيعا في فترة من الفترات. الأمر ينطبق على اللغات الأخرى بمن فيها كيفية تعلم اللغة الصينية في الأيام السبعة المقترحة مع أن ماوتسي تونغ بجلالة قدره إحتاج 70 سنة لكي يضع الصين على خريطة العالم ولم يستطع لأنه بقي متمسكا بالشيوعية على الطريقة الكونفشيوسية . نحن العرب والمسلمين نستذكر دائما عند أهمية العلم حديثا ضعيفا ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم هو "أطلب العلم ولو في الصين" فإننا بتنا نطلب كل شئ من الصين وهونغ كونغ وتايوان المتنازع عليها.
في المدارس أرادوا تعليمنا اللغة الإنكليزية منذ الصف الخامس الإبتدائي, لكن حتى تخرجنا من الإعدادية لا نكاد نعرف أكثر من "يس" و"نو". المفارقة إننا لم نتعلم حتى لغتنا الأم العربية حيث أن معرفتنا باللغة وقواعدها المعقدة أصلا لاتكاد تزيد عن أن كان ترفع الأول وتنصب الثاني بينما إن تنصب الأول وترفع الثاني. حتى اليوم ومنذ أن أطلق إمرؤ القيس بيته الشهير "مكر مفر مقبل مدبر معا .. كجلمود صخر حطه السيل من عل" لا نعرف لماذا كان ترفع الأول بينما إن تنصبه. وحين كنا نسأل كان يقال لنا هذه هي تعاليم سيبويه الذي مات وفي نفسه "شئ من حتى". لنغادر حقل اللغة ونذهب الى حقل السياسة ونطرح سؤالا إشكالويا كما يقول نقاد "هالوكت". السؤال هو "هل يمكن تشكيل حكومة في سبعة أيام بدون .. معلم"؟. إذا طبقنا القاعدة اللغوية على القاعدة السياسية فمثلما لم يتعلم أحد أية لغة في 7 أيام بمعلم أو بدونه, فإن الحكومات لاتتشكل وفق الأمنيات أو المبادرات أو المقترحات بل تتشكل وفق الدستور إذا كان النظام ديمقراطيا وطبقا لإرادة الدبابة والبيان رقم واحد إذا كان النظام شموليا.
ولأننا من أصحاب الأنظمة الديمقراطية فإن دستورنا المسكين وضع تراتبية لتشكيل الحكومة بعد الإنتخابات جعل بين رئاسة ورئاسة 15 يوما و30 يوما على أبعد تقدير. يعني كل شئ ينبغي أن يكون كاملا مكملا خلال 45 يوما. لم يتحدث الدستور عن خرقه لأنه يجب لمثل هذه الأغراض أن لايخرق والإ لم تعد تنطبق علينا تقاليد الديمقراطية. هذا هو الدرس الأول في الديمقراطية. هل تعلمناه؟ أشك في ذلك لأننا خرقنا كل المدد التي تحدث عنها الدستور حتى "الوجيزة" منها التي منحتنا إياها المحكمة الإتحادية على سبيل العطوة. لم ندبرها كذلك. الخلاصة المكثفة تقول إننا لم نتقن اللغة ولم نتقن السياسة. مع ذلك لم نعترف ولن نعترف والدليل مازلنا نبحث آخر المستجدات ونطبخ المبادرات ونتمسك بالمشتركات ولا نتحسب للمفاجآت أو التايهات. شعارنا إصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب. لاتفكر لها مدبر. أقعد بالشمس حتى "يجيك الفي". أمشي شهر ولا تعبر نهر. حتى أبو المثل قال شهر لا ثمانية أشهر والحبل .. على كل الجراجير.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha